توقعت محافل التقدير الاستراتيجي في إسرائيل، أن حرب غزة 2014 ستكون مجرد "مزحة" مقارنة مع أي حرب قد تنشب مع حزب الله في المستقبل. وحسب تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، فإن الاستراتيجية الدفاعية والهجومية لإسرائيل خلال حرب لبنان الثالثة يجب أن تكون مختلفة تماماً عن تلك الاستراتيجية التي اعتمدت خلال حرب غزّة، وذلك بفعل الفارق الكبير بين القدرات العسكرية لكل من حزب الله وحركة "حماس".
وفي هذا السياق، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي الخميس الماضي عن رئيس شبكة "أمان" الجنرال أفيف كوخافي، قوله في إفادة أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، إن لدى حزب الله 100 ألف صاروخ، في حين كانت تملك "حماس" قبل نشوب الحرب الأخيرة 10آلاف صاروخ، حسب تقديرات "أمان"، نفذ منها خلال الحرب حوالي 7 آلاف صاروخ.
وبحسب المعلق العسكري في القناة الإسرائيلية الثانية، روني دانئيل، فإنّ صواريخ "حزب الله" ذات مدى أطول بكثير من مدى صواريخ "حماس". ونوّه دانئيل في تقرير بث يوم أمس الجمعة، إلى أنّ أغلب هذه الصواريخ يصل مداها حتى تل أبيب، في حين أن مدى بعضها يغطي كل فلسطين المحتلة.
ورأى دانئيل أن التحدي الأكبر الذي تشكله صواريخ حزب الله يتمثل في حقيقة أنّها ذات رؤوس تفجيرية كبيرة جداً مقارنة مع صواريخ "حماس". وفي حين أن حمولة الرأس التفجيرية لكل صاروخ من صواريخ "حماس" لا يتجاوز بضع كيلوجرامات، فإنّ الرؤوس التفجيرية لصواريخ "حزب الله" تتراوح أوزانها ما بين 240 كيلوجرام إلى 1000 كيلوجرام، وهو ما يجعل قوتها التدميرية كبيرة جداً، ناهيك عن أنها تمتاز بدقتها العالية.
ونقل دانئيل عن محافل عسكرية قولها إنه بخلاف صواريخ "حماس"، فإن المنظومة الدفاعية ضدّ الصواريخ، المعروفة بـ "القبة الحديدية"، والمسؤولة عن إسقاط معظم الصواريخ التي أطلقت من غزة خلال الحرب الأخيرة، غير ذات جدوى في مواجهة صواريخ "حزب الله"، وهو ما يعني أن التهديد الذي ستتعرض له الجبهة الداخلية الإسرائيلية خلال حرب لبنان الثالثة سيكون كبير جداً.
وادّعت هذه المحافل أنّ حزب الله أخفى منصات إطلاق صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في البلدات والقرى اللبنانية التي تقع جنوب الليطاني، في حين أنّ الصواريخ بعيدة المدى وذات الرؤوس التفجيرية الكبيرة موجودة في بيروت والبقاع.
وفي هذا السياق، أشار المعلق العسكري في القناة الإسرائيلية العاشرة، ألون بن دافيد، إلى تحدي بالغ "الخطورة" يتعلق بحقيقة أنّ دقة إصابة صواريخ حزب الله وقوتها التدميرية تهدّد مرافق حيوية ذات قيمة استراتيجية، مضيفاً أنّ هذه الصواريخ، ليس بإمكانها إصابة مطار "بن غوريون" فقط، بل إصابة محطات الكهرباء الرئيسة، وحقول الغاز، ومحطات تحلية المياه، وقواعد عسكرية، وحتى المفاعل النووي في "ديمونا".
وعلى الرغم من أنّ معظم النخب العسكرية تُجمع على أنّ نتائج حرب لبنان الثانية قد نجحت في ردع حزب الله، غير أنّ الجنرال أليعازر مروم، قائد سلاح البحرية السابق، حذّر من الانطلاق من هذا الاستنتاج في تقدير نوايا حزب الله. وقال في مقال نشره موقع صحيفة "معاريف" في 29 من الشهر الماضي، إنّ أداء جيش الاحتلال الإسرائيلي "الإشكالي" خلال الحرب الأخيرة على غزّة وعجزه عن حسم المواجهة رغم ميل موازين القوى لصالحه بشكل كبير، يغري أطراف أخرى، في مقدّمتها حزب الله والحركات الجهادية في محاولة استهداف إسرائيل.
وحول طابع الاستراتيجية الهجومية التي يمكن أن يعتمدها حزب الله في أي حرب مقبلة، لم يستبعد العقيد دان هولدفيتش، قائد لواء "769"، المسؤول عن تأمين الحدود مع لبنان، أن يحاول حزب الله القيام بعمليات مفاجئة يرى أنها قد تمكّنه من الاستيلاء على مناطق في الجليل.
وأكّد هولدفيتش في مقابلة أجرتها معه، أمس الجمعة، القناة الإسرائيلية الثانية، أن جيش الاحتلال، لاسيما قيادة المنطقة الشمالية، استثمرت كثيراً في إعداد القوات لمواجهة مثل هذا التحدي، دون أن يقدم تفاصيل. وحول الاستراتيجية الدفاعية لجيش الاحتلال في حرب لبنان الثالثة، قال إن الخطوة الرئيسة التي ستقدم عليها إسرائيل تتمثل في إخلاء مدن وبلدات بأكملها في شمال فلسطين المحتلة، ونقل المستوطنين الذين يعيشون فيها إلى مناطق في عمق الكيان الصهيوني.
وأشار هولدفيتش إلى أن الاستراتيجية الهجومية الإسرائيلية ستقوم على مركبين أساسيين، وهما: استخدام قوة نارية هائلة في قصف الأهداف المدنية والعسكرية داخل لبنان، وفي الوقت نفسه احتلال مساحات واسعة من جنوب لبنان بقوة فائقة وبسرعة كبيرة.
ومن الواضح أن القيام بتوغل برّي واسع في جنوب لبنان في الحرب القادمة هو نتاج استخلاص العبر من حرب لبنان الثانية، التي تأخر الجيش الإسرائيلي خلالها في استخدام القوات البرّية، وهو ما تبين أنه خطأ كبير، اضطر على إثره رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال في ذلك الوقت دان حالوتس أن يقدّم استقالته. وحسب هولدفيتش، فإنه على الرغم من أنّ مشاركة حزب الله في الحرب الأهلية في سورية قد استنزفته، غير أنّ التجربة أمدّته بخبرات لم يعهدها من قبل، وتتمثل في إدارة قتال ضمن "كتائب"، مشيراً إلى أن خبرة حزب الله السابقة انحصرت في القتال بواسطة مجموعات ووحدات كوماندوس صغيرة.