يتزايد الحشد الدولي بوتيرة متسارعة لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وذلك بعد مواقف من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، تندرج كلها في سياق التحضيرات المتسارعة للقيام بعمل عسكري أممي ضد التنظيم الذي أعلن سيطرته على مناطق واسعة في سورية والعراق في يونيو/حزيران الماضي.
وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، في مؤتمر صحافي اليوم الجمعة، أن الحلف وافق بالإجماع على ضرورة التحرك بشكل فوري لمواجهة خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" لأنه يشكل تهديداً لأعضاء التحالف.
وأضاف أوباما من ويليز حيث يعقد حلف شمال الأطلسي قمته إن "حلفاء رئيسيين في الحلف يقفون على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا الخطر الإرهابي من خلال العمل العسكري والاستخبارات وإنفاذ القانون وكذلك الجهود الدبلوماسية".
لكنه أكد أن التحالف الدولي بحاجة إلى أن "يتعدى دائرة الدول الغربية ليضم دولاً ذات أغلبية سنية ترفض هذا النوع من التهديد الذي تمثله الدولة الإسلامية"، بحسب ما ذكرت وكالة "أسوشييتد برس".
وتابع أوباما "سنهزم "الدولة الاسلامية" مثلما فعلنا مع تنظيم القاعدة"، مشيراً إلى أنه "يمكن احتواء هذا التنظيم الذي يسبب دماراً واسعاً ويقوم بقتل عدد كبير من الأبرياء، عبر صدّه أولاً ثم القيام بالحد من قدراته وتضييق مجال تحركه والقضاء على قياداته، وعلى مرّ الزمن لن يكون بمقدوره القيام بالعمليات الإرهابية نفسها التي يقوم بها اليوم".
إلا أن أوباما أعلن أيضاً أن بلاده لن ترسل قوات الى الأرض في سورية، مشيراً الى أن "هذا غير ضروري لتحقيق هدفنا ويجب ان يكون لنا شركاء فاعلين على الأرض وسنقوم بدعمهم".
كلام أوباما سبقه موقف لوزيري الخارجية والدفاع الأميركيين جون كيري، وتشاك هيغل، دعيا فيه لتشكيل "تحالف أساسي" لمحاربة "داعش" في العراق.
وقال كيري وهيغل في بيان مشترك "لا مجال لإضاعة الوقت لتشكيل تحالف دولي واسع لإضعاف التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام والقضاء عليه في نهاية المطاف".
وشدد البيان على أهمية تشكيل حكومة عراقية، مضيفاً أن الولايات المتحدة تأمل أن يتم ذلك "في الأيام المقبلة". وقال البيان "ناقشنا بالتفصيل كيف يمكن لحلفاء الحلف الاطلسي تقديم مساعدة فورية لحكومة جديدة"، معدّداً "بعض الخطوات لذلك مثل تقديم الدعم العسكري للحكومة العراقية ووقف تدفق المقاتلين الاجانب والتحرك لمواجهة تمويل "الدولة الإسلامية" ومعالجة الأزمة الإنسانية ونزع الشرعية عن ايديولوجية التنظيم".
وأضاف البيان "سنقوم بتشكيل قوة عمل متعددة الجنسيات لمشاركة المزيد من المعلومات حول تدفق المقاتلين الاجانب".
يُذكر أن الولايات المتحدة كانت من أُول المبادرين إلى إرسال بعثات محدّدة، لحماية أطقم سفارتها وقنصلياتها في بغداد وإربيل، كما أُرسلت وحدات من "المارينز" بغية "القيام بأعمال محدّدة".
ولاحقاً، بدأت الولايات المتحدة شنّ غارات جوية مكثفة على "داعش"، لتوقفه على أبواب اربيل، وتسمح بنجدة من تبقى من سكان جبل سنجار العراقي، المنتمين إلى الطائفة الأيزيدية، قبل أن تشنّ قوات "البشمركة" الكردية هجوماً مضاداً، مترافقاً مع إسنادٍ جويّ أميركي، سمح لهم باستعادة سدّ الموصل.
وفي موازاة الموقف الأميركي المتقدم في مواجهة "داعش"، أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اليوم الجمعة أن بلاده مستعدة للمشاركة في ائتلاف دولي ضد هذا التنظيم "ضمن احترام القانون الدولي"، مستبعداً في الوقت الراهن أي عمل في سورية التي تشكل "حالة مختلفة".
من جهته، أعلن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر أن كندا ستنشر "عشرات" العسكريين في العراق "لتقديم الاستشارات والمساعدة" للجيش العراقي.
وهذه المساعدة العسكرية تهدف بحسب بيان رئيس الحكومة الكندية الى "تقديم وسائل تحرك أكثر فعالية لقوات الأمن في شمال البلاد لمواجهة تهديد تنظيم الدولة الإسلامية".
وفي السياق نفسه، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، اليوم، في افتتاح اليوم الثاني من قمة الحلف الجمعة في نيوبورت في ويلز البريطانية، أن قادة الدول الأعضاء في الحلف الاطلسي ينددون بـ"الأعمال الهمجية والمقيتة"، التي يرتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية".
وأضاف كاميرون، في اليوم الثاني لقمة الحلف "نحن متحدون في إدانة هذه الأعمال الهمجية والمقيتة... تهديداتهم ستزيد من عزمنا على الدفاع عن قيمنا".
وكانت الدول الأوروبية قد أكدت أكثر من مرة عزمها على مواجهة "داعش"، وعبّر كاميرون عن تخوّفه من إمكانية "وجود عناصر من التنظيم في شوارع لندن"، كما قدمت ألمانيا الدعم العسكري "اللامحدود" لـ"البشمركة" لمواجهة التنظيم في العراق