بدا رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مربكاً خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده، مساء اليوم الأربعاء، والذي حاول خلاله أن يدلّل على "انتصارات" جراء العدوان على قطاع غزة، وهو الأمر الذي كذّبته "نبرة" نتنياهو، قبل الوقائع، والانتقادات الشرسة التي تعرّض لها من وزراء حكومته.
وقال نتنياهو إنه "مع بدء وقف إطلاق النار، يمكنني أن أقول إننا حقّقنا إنجازاً عسكرياً كبيراً وإنجازاً سياسياً كبيراً، فقد تلقّت حماس ضربة قوية ولم تحقق أياً من شروطها التي وضعتها لوقف إطلاق النار".
وتحمّل نتنياهو، كرئيس حكومة إسرائيل، المسؤولية العليا عن أمن مواطنيه، الأمر الذي قال عنه إنه "وجَّهَنا في كل مرحلة من مراحل الحملة". وأضاف: "لقد كان هدفنا ضرب حماس والمنظمات الإرهابية بقوة، ومن خلال ذلك تحقيق الهدوء لوقت متواصل لسكان إسرائيل. بمقدوري اليوم أن أقول إن حماس تلقت ضربة قاسية".
وعلى الرغم من أن عملية التفاوض بين المقاومة والاحتلال ستتم بعد شهر من دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، فقد حاول رئيس حكومة الاحتلال أن ينفي قبوله بشروط المقاومة، قائلاً إن "حماس وضعت شروطاً مسبقة لوقف إطلاق النار، وكنّا قبلنا في الأيام الأولى المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار من دون شروط مسبقة". وأضاف: "لكن حماس وضعت شروطاً، فطالبت بميناء، ولم تحصل عليه، وطالبت بمطار ولم تحصل عليه، كما طالبت بتحرير أسرى صفقة شاليط ولم تحصل على ذلك".
وحاول نتنياهو التمويه على الضغط الدولي الذي تعرضت له حكومته، فضلاً عن تأثير العدوان على زيادة تدهور صورة إسرائيل في الغرب، فاعتبر أنه ومن خلال عدوانه قد حصل على "شرعية من المجتمع الدولي لهذه الحملة".
ويبدو المؤتمر الصحافي لنتنياهو وكأنه محاولة يرد من خلالها على تهم وانتقادات خصومه حول عدم تحقيق العدوان لأهدافه، إذ اعتبر أنه "لا يزال مبكراً القول ما إذا كنا سنحقق هدف تهدئة متواصلة، إلا أن الضرر الذي لحق بحماس يزيد من فرص تحقيق ذلك".
ورداً على سؤال حول موقفه من المبادرة السعودية، قال نتنياهو إنه "لا يزال مبكراً حالياً الحديث عن تحركات سياسية"، غير أنه اعترف بأن حكومته وافقت على اتفاقات وقف إطلاق النار، التي سبقت الاتفاق الأخير، لأنها كانت توفر لإسرائيل تغطية وشرعية دولية مكّنتها من القتال لمدة 50 يوماً.
وحاول نتنياهو التنصّل من تصريحات سابقة له بأن هدف العدوان القضاء على حركة "حماس". وقال إن هذا الهدف هو هدف يمكن تحقيقه على المدى البعيد من خلال نزع سلاح المقاومة. وأضاف: "لم نحدد هدف القضاء على حماس كهدف لهذه الحرب ولا احتلال غزة مجدداً، بل قلنا توجيه ضربة قاسية لحماس، وهذا ما قمنا به".
وفي محاولة يائسة لإحداث شرخ في الموقف الفلسطيني الموّحد، قال نتنياهو: "كان يسرنا أن نرى قوات (الرئيس الفلسطيني) محمود عباس تدخل قطاع غزة، لا أن نرى قوات حماس تدخل إلى الضفة الغربية"، قبل أن يضيف: "على عباس أن يختار في أي صف يقف. نأمل أن يواصل تأييد التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل والعملية السلمية".
من جهته، حاول وزير الدفاع، موشيه يعالون، أن يفصّل "الانتصار" بالأرقام، إذ قال إن العدوان أسفر عن مقتل "ألف مخرب، بينهم قادة من حماس، ودمرنا الأنفاق والبنى التحتية للإرهاب، وأعدنا حماس سنوات إلى الوراء".
وأضاف يعالون: "إننا نعيش في الشرق الوسط، ومن المحتمل أن نضطر إلى العمل ضد حماس والمنظمات الأخرى إذا لزم الأمر، وسنضربهم بقوة فتاكة".
بدوره، وصف رئيس أركان جيش الحرب الإسرائيلي، بني غانتس، العدوان بـ"الحملة المعقدة والشائكة ميدانياً، ومن حيث العمليات العسكرية والبنية التحتية والتنظيمية للمنظمات"، معتبراً أنه جرى "تحقيق إنجازات في مواجهة حماس، وتحييد قوتها ولو بثمن أليم جراء عملياتها الهجومية".
وكان واضحاً أن الانتقادات الشديدة التي تعرّض لها نتنياهو ويعالون من وزراء في الحكومة، هي التي دفعت بنتنياهو إلى الخروج عن صمته، وعقد المؤتمر الصحافي سعياً لتوضيح موقفه، وخاصة ما يتعلق بانفراده بقرار الموافقة على الاتفاق دون عرض الموضوع على التصويت.
كما جاء مؤتمر نتنياهو بعد الهجوم الشديد الذي تعرّض له من وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، الذي أعلن، اليوم الأربعاء، عن أنه لا يمكن القبول بـ"حماس" شريكاً في المفاوضات، فيما أعلن "البيت اليهودي" عن موقف مماثل. ودعت وزيرة العدل، تسيبي ليفني، إلى عدم تقديم أي مكسب سياسي لحركة "حماس".