عندما نريد بناء بيت، فما الذي نبحث عنه في المقام الأول، ونحرص على أن يكون من ضمن أولوياتنا، فماذا نفعل قبل وأثناء وبعد عملية البناء؟ وكيف سنتعامل مع هذا البناء قبل، وأثناء وبعد عملية التشييد؟
بيتنا السعيد أولى:
بالمثال السابق، يتبين لنا أهمية ترتيب الأولويات لكي يخرج البناء ويكتمل في أتم صورة ينبغي أن يكون فيها، فإن بناء زواج ناجح وقوي يشبه إلى حد كبير عملية بناء بيت العمر، فنحن نتكلم عن الإعداد والأساسات، فلكما كان عملك متقنًا منذ البداية كان البيت أفضل، والبناء مهما كان كبيرًا في المساحة ومتسع ومترامي الأطرف، فله قواعد أساسية، وأما بقية الأشياء هي عوامل مساعدة.
ولذا يجدر بالزوجين الحبيبين أن يضعا معًا خطة لسير زواجهما، كما يضع من يبني بيتًا خطة لسير عملية البناء، وإلا فلن يكون البيت كما يرغبه في نهاية المطاف.
نجاحك يبدأ من الأسرة :
دون أن يعيش الإنسان في جو سعيد يحيط بأهله "زوجته وأولاده "لن تقر له عين, ولن يكون رأسًا وأمامًا في أي مجال من مجالات الحياة وتأمل معي هذا الدعاء من عباد الرحمن {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا} [الفرقان:74].
ومن هنا فإننا نؤكد أن "العلاقات مع الزوجة والأبناء هي أهم استثمار في الحياة، ونحن إذا أنهكنا أنفسنا بالعمل في كل مناحي الحياة وأهملنا الأسرة فسنكون كمن يحاول إصلاح كراسي السطح على سفينة غارقة" [مقدمة كتاب العادات السبع للأسر الأكثر فعالية، ستيفن كوفي].
ويجب أن يعلم الزوجان (أن المؤسسات الزوجية الناجحة هي التي تقوم على نظام الأولويات المدروسة دراسة وافية، وهكذا بعد وضوح هدف الزوجين في تكوين أسرة مسلمة عابدة لربها، قائمة بواجباتها، عليهما أن يجيدا التخطيط، ومن ثم إحسان التنفيذ، فلا يؤجلا عمل اليوم على الغد، ويراعيا ما استطاعا الأولويات في حياتهما) [أولويات المرأة المسلمة، خولة درويش، ص(74)، بتصرف].
ويجب أن يدرك الزوجان أن هناك حاجات أساسية هامة في حياة الإنسان، وهذه الحاجات إن لم نشبعها تصبح حياتنا فارغة وناقصة، وجوهر هذه الحاجات يمكن إنجازه في مقولة أن تعيش وتحب وتتعلم وتترك وراءك الأثر الطيب.
وضع الأمور في نصابها:
لابد للزوجين إذا أرادا حياة سعيدة من اعتبار الأولويات في الحياة الزوجية، وهي وضع كل شيء في مرتبته، فلا يؤخر ما حقه التقديم أو يُقدم ما حقه التأخير، ولا يُصغر الأمر الكبير، ولا يُكبر الأمر الصغير، وهذا ما تقضي به قوانين الكون، وما تأمر به أحكام الشرع.
فإذا جعلنا من أولى الأولويات الأسرة وما يفيدها، فعندها لن تأخذنا الموضة، ولن تنفق الزوجة أموالها في أدوات التجميل ولن نبذل وقتنا وعمرنا في تحصيل المظاهر الخادعة من أثاث وحلي، ولن يحتدم النقاش بين الزوجين، ويزداد التوتر لحد الأزمة، لأن الزوجة تريد متابعة الأخبار، والزوج يريد مشاهدة المباراة.
فإن الأزواج والزوجات الذين يعيشون وفق المبادئ والمثل العليا يستمتعون أكثر بالحياة، فهم يفهمون جيدًا الأولويات، ويعيشون الحاضر فهم (أكثر مرونة وتلقائية، وعلاقتهم بالآخر أكثر غنى ونفعًا، يضعون الحدود لأنفسهم، فينفقون باتزان، ويدخرون ويستثمرون للمستقبل، فلديهم نظام نفسي سليم يمكنهم من مواجهة المشكلات، فهم قادرون على تنفيذ ما يقولون، فلا نفاق ولا ازدواجية بين القول والعمل، فهم يعلمون أن العيش وفق المبادئ ليس بالأمر الهين، ولكنه يحقق جودة أفضل للحياة) [إدارة الأولويات، ستيفن كوفي، ص(430- 434)، باختصار].
واستكمالًا للحديث يمكننا الآن أن نذكر أولويات احتياجات كل من الزوج والزوجة من حيث الأهمية
*ماهية أولويات الحياة الزوجية؟
*ماذا نقصد بأولويات الحياة الزوجية؟ :
هي معرفة ما يريد كل طرف من الطرف الآخر بالترتيب من احتياجات اتفقوا عليها وما انفرد به كل طرف عن طرف من احتياجات، بهدف التوصل إلى إمكانية تحقيق رغبة كل طرف من الطرف الآخر لتهنأ الحياة الزوجية.
*ماذا يريد الرجل من المرأة؟ وماذا تريد المرأه من الرجل؟
بعد إجراء استبيان في تحديد أولويات الزواج للرجل تبين الآتي:
أول ما يحتاجه الرجل من المرأة:
الاهتمام بالبيت، العاطفة، الاحترام، تبادل الأحاديث، تحمل المسؤلية.
وآخر ما يحتاجه الرجل من المرأه:المال، الطعام، الفكاهة.
بعد إجراء استبيان في تحديد أولويات الزواج للمرأة تبين الآتي:
أول ما تحتاجه المرأة من الرجل:
تحمل المسئولية، الشعور بالأمن، العاطفة، الاحترام، الثقة.
وآخر ما تحتاجه المرأة من الرجل:
توفير الطعام، توفير المال، الدلال.
*نتائج وتحليلات الاستبيان:
مفاهيم مشتركة: تحمل المسئولية، العاطفة وإخراج المشاعر، الاحترام المتبادل
أمور انفرد بها الرجل: الاهتمام بالبيت، تبادل الحديث.
أمور انفردت بها المرأة: الشعور بالأمن، الثقة المتبادلة.
*لماذا يريد الرجل من المرأة الاهتمام بالبيت وتبادل الحديث :
حاجة الرجل لاهتمام الزوجة بالبيت :
لعل انشغال المرأة بالعمل والتزامها بالوظيفة جعل جهدها يتوزع وطاقتها تنقسم إلى أكثر من مجال ومكان، مما أثر سلبًا على عطائها داخل بيتها ومتابعتها لحياتها الأسرية، ولعل المرأة لم تقصر في شؤون بيتها، ولكن يبقى عطاؤها أقل مما هو مطلوب منها وربما هناك أسباب أخرى.
حاجة الرجل لتبادل الحديث :
قد يعود لعدة أسباب منها كون الرجل يحب أن يتحدث عن طموحاته ومشاريعه وبالتالي يريد من زوجته تشجيعه ومدحه على ذلك، أو أنه يحب أن يشاهد تفاعل المرأة بصوتها وحركاتها.
*لماذا تريد المرأة من الرجل الشعور بالأمن والثقة المتبادلة؟
الأسباب كثيرة منها:
1. أن يكون من طبع الرجل أنه يفاجئها بماضيه.. وقد ذكر لها أكثر من قصة فجعلت فيها النفسية الغير الآمنة.
2. أن يكون الرجل يعطي زوجته دائمًا معلومات بعد أيام من حدوثها.
3. استهزاء الزوج بكلامها وتحطيمها.
أما حاجتها للثقة المتبادلة ربما لمجموعة من تصرفات الرجل منها:
1. الحكم عليها بأنها لم تفهم كلامه وتعليماته.
2. الحكم عليها بأنها دائمًا مخطئة فيما تقوله وقوله صائب
3. تعطيل قراراتها واتهامها بالضعف.
*أفكار عملية ليتوصل الأزواج لتلبية إحتياجات كلا منهما للآخر:
1. معرفة الغاية الحقيقية للطرفين من الزواج .
2. معرفة ما يريد كل طرف من الآخر وما لا يريد، ما يحب وما لا يحب، بوضع أسس واضحة لكل طرف.
3. الإيمان الداخلي لكل طرف بأن لكل مشكلة حل وأن المشكلة ظهرت بسبب خلل ما، فيكون التعامل مع المشكلة بأنها سبب فرصة لإصلاح خلل ما لم يتنبه له الزوجان وبالتالي يكوّنان قاعدة بينهما كدستور يمشيان عليه باتفاق.
4. الاستفادة بأفكار مرشدين وإخصائين إما بالجلوس معهم أو الاتصال بهم أو بقراءة مقالاتهم وآرائهم.
5. الإنسان - الزوج – الصالح هو الناجح في حياته داخل الأسرة وخارجها وكذلك الزوجة الصالحة.
6. الالتزام بفكرة: صلاح المجتمع بصلاح الفرد.
هذه الفكرة تعطي دافع للاستمرارية بإصلاح ذاتي وأسرتي.
أم عبد الرحمن محمد يوسف