الحياء حلة جمال و حيلة كمال
يُحترم في عيون الناس صاحبُه
و يزداد قدره
و يعظُم جانبه
فمن لبس ثوب الحياء
استوجب من الخلق الثناء
ومالت إليه القلوب
و نال كل أمر محبوب
و من قل حياؤه ,, قل أحباؤه
الحياء
خُلُقٌ يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح ،
فهو من صفات النفس المحمودة التي تستلزم الانصراف من القبائح وتركها ؛
وهو من أفضل صفات النفس وأجلها وهو من خلق الكرام وسمة أهل المرؤة والفضل .
قال :
{إِنّ اللهَ عزّ وَجَلّ حَلِيمٌ حَيّ سِتّيرٌ ، يُحِبّ الحَيَاءَ والسّتْرَ}
رواه النسائي
وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال :
{ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ}
فالحياء صفة لله تعالى أثبتها لنفسه
و هو صفة الأنبياء و الملائكة
قال : " ألا أستحي من رَجُلٍ تستحي منه الملائكة؟"
و صفة الصالحين من الناس
قال تعالى : "فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء"
ومن الحكم التي قيلت في شأن الحياء : (من كساه الحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه)
وقال الشاعر:
ورب قبيحة ما حال بيني ... وبين ركوبها إلا الحياء
لذلك فعندما نرى إنساناً لا يكترث ولا يبالي فيما يبدر منه من مظهره أو قوله أو حركاته يكون سبب ذلك قلة حيائه وضعف إيمانه كما جاء في الحديث :
{إذا لم تستح فافعل ما شئت}.
وقد قال الشاعر :
إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً ... تقلب في الأمور كما يشاء
فمالك في معاتبة الذي لا ... حياء لوجهه إلا العنـــــــــاء
قال أبو حاتم : إن المرء إذا إشتد حياؤه صان ودفن مساوئه ونشر محاسنه .
والحياء من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها الإسلام وأقرها ورغب فيها .
وقد جاء في الصحيحين عن رواية لأبي هريرة قول النبي :
{الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ}.
وفي الحديث الذي رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين :
{إِنَّ الْحَيَاءَ وَالإِيمَانَ قُرِنَا جَمِيعًا ، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ}.
والسر في كون الحياء من الإيمان :
لأن كل منهما داع إلى الخير مُقرب منه صارف عن الشر مُبعد عنه ،
فالإيمان يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات ؛
والحياء يمنع صاحبه من التفريط في حق الرب والتقصير في شكره . ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو قوله اتقاء الذم والملامة .
وقد قيل : (الحياء نظام الإيمان فإذا انحل نظام الشيء تبدد ما فيه وتفرق).
فالحياء ملازم للعبد المؤمن كالظل لصاحبه وكحرارة بدنه لأنه جزء من عقيدته وإيمانه ومن هنا كان الحياء خيراً ولا يأتي إلا بالخير،
كما في الصحيحين عن النبي :
{الحياء لا يأتي إلا بخير} وفي رواية مسلم : {الحياء خير كله}.
ورحم الله امرأة كانت فقدت طفلها فوقفت على قوم تسألهم عن طفلها ؛
فقال أحدهم : تسأل عن ولدها وهي تغطي وجهها .
فسمعته فقالت : ( لأن أرزأ في ولدي خير من أن أرزأ في حيائي أيهل الرجل ).
سبحان الله..
أين هذه المرأة من نساء اليوم تخرج المرأة كاشفة وجهها مبدية زينتها لا تستحي من الله ولا من الناس ؛
أضاعت ولدها فعند الله لها العوض والأجر ؛
أما المرأة التي فقدت حياءها وإيمانها فما أعظم الخسارة وما أسوأ العاقبة .
وصدق الشاعر حين قال :
فتاة اليوم ضيعت الصوابـــــــا ... وألقت عن مفاتنها الحجابـــــــا
و لم تأبه حياءٌ مـــــــن رقيب ... ولم تخشى من الله الحســـابا
إذا سارت بدا ســــاق وردف ... ولو جلست ترى العجب العجابا
بربك هل ســألت العقل يوماً ... أهذا طبع من رام الصوابـــــــــا
أهذا طبع طالبة لعلـــــــــــم ... إلى الإسلام تنتسب إنتسابـــاً
ما كان التقدم صبغ وجــــــه ... وما كان السفور إليه بابـــــــــــاً
شباب اليوم يا أختي ذئــاب ... وطبع الحمل أن يخشى الذئابوالحياء عند المرأه :
هو أجمل شيء فيها
و هو الذي يزينها ويحليها في أعين الناظرين
و هو الذي يكسبها احترام الآخرين
فالحياء إذاَ خُلق يجمل كل فرد وكل إنسان ، ولكنه في حق المرأة آكد وأكثر التصاقا .
والمرأة بدون حياء لا خير فيها
ولابد أن يظهر هذا الحياء على كل تصرفات المرأة المسلمة :
- في لباسها وحجابها .
- في مشيتها .
- في كلامها وخطابها لمن تتكلم معه .
- في جميع ما يصدر منها .
والحياء أنواع :
1) الحياء من الله .
يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي
2 ) الحياء من الملائكة .
وذلك بالبعد عن المعاصي والقبائح وإكرامهم عن مجالس الخنا وأقوال السوء والأفعال المذمومة المستقبحة ؛
قال :
{إِيَّاكُمْ وَ التَّعَرِّيَ ؛ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ ، وَ حِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَ أَكْرِمُوهُمْ}.
رواه الترمذي
3 ) الحياء من الناس .
وهذا النوع من الحياء هو أساس مكارم الأخلاق ومنبع كل فضيلة لأنه يترتب عليه القول الطيب والفعل الحسن والعفة والنزاهة .
4 ) الحياء من النفس .
وهو حياء النفوس العزيزة من أن ترضى لنفسها بالنقص أو تقنع بالدون .
ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحسن السريرة .
فيجد العبد المؤمن نفسه تستحي من نفسه حتى كأن له نفسين تستحي إحداهما من الأخرى وهذا أكمل ما يكون من الحياء .
فإن العبد إذا استحى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر .
كانت هذه مقدمة أعلم بأني استفضت فيها عن الحديث عن الحياء لكن أهمية الموضوع تقتضي ذلك كما أرى ؛
فلا أظن الحديث عن لباس المرأة ينفك عن الحياء بحال من الأحوال ؛
ذلك لأنه دليل عليه و علامة له ؛
و الله ولي التوفيق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله لكم شيخنا الفاضل
اسمحلي بهذه الاظافة البسيطة الى موضوعكم الجيد عن الحياء
الحياء مشتق من الحياة فعلى قدر حياة القلب يكون الحياء فكلما كان الايمان يسكن الفلب كان فيه حياء وكلما كان القلب اكثر حياة بالايمان كان اكثر حياءا بل كان اتم حياء واذا مات الايمان في القلب ضاع الحياء ومن ضاع حياءه فهو ميت في الدنيا شقي في الاخرة .
في حديث لترمذي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استحيوا من الله حق الحياء. قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك استحيا من الله حق الحياء".
قال المباركفوري في شرح الحديث: قوله: "استحيوا من الله حق الحياء" أي: حياء ثابتاً ولازماً صادقاً . قال المناوي: وقيل: أي اتقوا الله حق تقاته.
"قلنا: يا رسول الله، إنا نستحي" ولم يقولوا: حق الحياء اعترافاً بالعجز عنه، "والحمد لله" أي: على توفيقنا به، "قال: ليس ذاك" أي: ليس حق الحياء ما تحسبونه، بل أن يحفظ جميع جوارحه عما لا يرضي، "ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس" أي: عن استعماله في غير طاعة الله، بأن لا تسجد لغيره، ولا تصلي للرياء، ولا تخضع به لغير الله، ولا ترفعه تكبراً، "وما وعى" أي: جمعه الرأس من اللسان والعين والأذن عما لا يحل استعماله، "وتحفظ البطن" أي: عن أكل الحرام، "وما حوى" أي: ما اتصل اجتماعه به من الفرج والرجلين واليدين والقلب، فإن هذه الأعضاء متصلة بالجوف، وحفظها بأن لا تستعملها في المعاصي، بل في مرضاة الله تعالى، "وتتذكر الموت والبلى" بكسر الباء من بلى الشيء إذا صار خَلِقاً متفتتاً يعني: تتذكر صيرورتك في القبر عظاماً بالية، "ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا" فإنهما لا يجتمعان على وجه الكمال حتى للأقوياء.