مسكين هذا الإنسان، حقير هذا الإنسان ، أتى من ماء ، أتى من نطفة ، أتى من عالم العدم ، فلما مشى على الأرض تكبر وتجبر، ونسي الله الواحد الأحد الفرد الصمد .
والله إن السماء بما فيها من ملكوت لا تعصي الله ، وإن الأرض لا تقوى على أي معصية ، وإن الجبال الرواسي الشامخات لا تعصي الله ، وإن الشمس بحرارتها وقوتها لا تعصي الله ، وإن القمر بجماله لا يعصي الله ، فلا إله إلا الله كيف استطاع هذا الإنسان الضعيف الحقير أن يعصي ربه وخالقه ومولاه ؟! كيف تجرأ هذا الإنسان أن يعصي جبار السموات والأرض الذي لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد ؟!
والله لن يبقى معك إلا ما قدمت من أعمال صالحة في الدنيا والآخرة .
لا يغرنك ستر الله فإن كنت سترت هنا فتذكر الفضيحة يوم الفضائح والكربات ، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، تعرض لنفحات الله . ما دمت فوق الأرض قبل أن تصير في باطن الأرض ، تزود من الأعمال الصالحة ما دمت في النور قبل أن تصير إلى ظلمة القبور .
فيا من أسرف على نفسه في المعاصي ، يا من ابتعد عن الله ، يا من أعرض عن الله ، عد إلى الله فهو القائل : ((قُلْ ياعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) الزمر: 53 .