بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،
وبعد:
المهدي المنتظر حق ، وقد أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبلغت أحاديثه حدّ التواتر ومنها الصحيح والضعيف والموضوع، والراجح أنه حقيقة لا تنكر، والخلاف حول ماهية هذا المهدي، ولكن ليس كل من يدعي أنه المهدي يكون هو المهدي المنتظر، وعلى الجملة فالإيمان به واجب، ولكن من أنكره لا يمكن الحكم عليه بالكفر أو الخروج عن الملة، ورسالة المهدي من إقامة العدل بين الناس في الأرض هي رسالة المسلمين التي يجب أن يسعوا لإقامتها.
من أخبار المهدي:
ومن أخبار المهديِّ ما رواه الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا تذهب الدنيا حتى يملك العربَ رجلٌ من أهل بيتى، يواطئُ اسمُه اسمي" وفي لفظ آخر: "حتى يَليَ رجلٌ من أهل بيتي".
وعن علي، رضي الله تعالى عنه، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لو لم يَبقَ من الدهر إلا يومٌ لبَعَث اللهُ رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما مُلئَت جَورًا" أخرجه أبو داود.
وقال عليه الصلاة والسلام : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يُواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا . رواه أبو داود .
وقال : المهدي من عترتي من ولد فاطمة . رواه أبو داود وابن ماجه .
فعلى هذا يكون اسم المهدي : محمد بن عبد الله
ويكون معروف النّسب ، وان نسبه يرجع إلى آل البيت .
وعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "المهديُّ منِّي، أجلَى الجبهة أقنَى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما مُلئَت ظلمًا وجَورًا، يملك سبع سنين" أخرجه أبو داود.
وهذا الحديث وإن كان في ظاهره انقطاعٌ، إلا أنه بالنسبة للأحاديث الواردة في وجود المهدي وولايته للمسلمين صحيحُ المتن، وهو بذلك يوجب على المسلمين التحرزَ من رفض ما جاء في المهدي من أخبار.
ونفهم من الأحاديث الواردة فيه أنه ليس خاصًّا ببقعة من الأرض كنيجيريا مثلاً أو غيرها وإنما قائد للمسلمين، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يملأ الأرض عدلاً كما مُلئَت ظلمًا وجَورًا".
والجو العام لأحاديث المهدي يبشر بتحقيق الدولة العالمية التي تضم جميع أقطار الأرض تحت راية واحدة، وهي راية العدل والخير والحق، وهو أمل يسعى له كثير من الذين يريدون للإنسانية خيرًا ويظنون بها خيرًا، وهو حلم راود الكثيرَ من الفلاسفة، خطَّط له الفارابي مثلاً حينما كتب عن عالمية الحكم بمناسبة كتابته عن "المدينة الفاضلة".انتهى
أسـباب تـسـميته بالمهـدي:
ذكـر السـيوطي في الحاوي عـن رسـول الله صلى الله عـليه وسـلم : " إنما سـمي بالمهـدي لأنه يهـدي إلى جـبل من جـبال الشـام يسـتخـرج منه أسـفار التوراة يحاج بها اليهـود سـمي بالمهـدي لأنه يهـدي لأمـر قـد خـفى يسـتخـرج التابوت من أرض يقال لها أنـطاكـية على يد المهـدي يظهـر تابوت السـكـينة من بحـيرة طبرية حـتى يحـمل فـيوضع بين يديه بـبيت المقـدس
من هذا كـله تـتضح رسـالة المهـدي أنه يهـدي لأمـر قـد خـفى فـيحاج اليهـود فـيخـرج الدجال.
مكان خروج المهدي:
أما عـن مكانه يقـول الرسـول صلى الله عـليه وسـلم : " يولد بالمدينة " وفي رواية " بـبلاد المغـرب " وفي رواية " من المغـرب الأقـصى " وفي رواية " في بلاد المغـرب وأنه يأتي من هـناك ويجـوز البحـر و يخـرج من قـرية يقال لها كـرعة
علامات مات كـونية قـبل ظهـوره : يقـول النبي صلى الله عـليه وسـلم : " لا يخـرج المهـدي حـتى تطلع مع الشـمس آية " ينكـسـف القـمر لأول ليلة من رمضان وتـنكـسـف الشـمس في النـصف منه ولم يكـونا منـذ خـلق الله السـماوات والأرض يخـرج نجـم له ذنب يضيء خروج المهدي:
اقوال العلماء في المهدي:
ويقول الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله :
خبر ظهور المهديِّ جاءت به نصوص السنة الصريحة، وأنه سيكون أول ظهوره بمكة المكرمة، وسيكون قبل نزول المسيح عيسى بن مريم، عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وسيظل قائمًا بأمر المسلمين، يَتولَّى شئونهم ويقودهم في جهاد عدوهم، حتى ينزل المسيح ابن مريم حاكمًا بشريعة سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ منفِّذًا لقواعد الإسلام.
والمفهوم من جو الأحاديث الخاصة بالمهديِّ أنه قائد عربيٌّ مناضل مجاهد، يحاول نشر العدالة ورفع الظلم، كما جاء في الأحاديث الخاصة في أسلوب صريح واضح. وأنه ينزل سيدنا عيسى عليه السلام وقد أُقيمت الصلاة فيَتنحَّى المهديُّ للمسيح من إمامة المسلمين في تلك الصلاة، فيدفعه المسيح عيسى ابن مريم بين كتفَيه ويقول له: لك أُقيمَت فصَلِّ. فيصلي بالمسلمين تلك الصلاة، ثم يتسلم سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام القيادة منه، ثمويقول الشيخ المحدث عبدالله الصديق الغماري من علماء المغرب العربي:
حديث المهديّ متواتر أيضًا؛ لأنه ورد عن النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ من طريق ثلاثين صحابيًّا بأسانيدَ وطرقٍ متعددة مُخَرَّجة في كتب السنة الصحاح والسنن والجوامع والمُصَنَّفات وغيرها.
ونَصَّ على تواتره الحافظُ أبو الحسين السِّجْزِيّ والقرطبيّ صاحب التفسير والحافظ ابن حجر والحافظ السخاويّ وغيرهم .
وألَّف الإمام الشوكانيّ في بيان تواتر حديث المهديّ والدجال ونزول عيسى كتابًا خاصًّا سمَّاه" التوضيح لبيان تواتر حديث المنتظر والدجال والمسيح" أطال فيه وأطاب، وهو كتاب جيد، وقد طُبِع بالهند. وقد نُصَّ على هذا في كتب العقائد المُتداوَلة المشهورة .
والأحاديث عن المهديِّ أيضا تذكير للمسلمين بأن من رسالتهم إزالةَ الظلمِ والجَورِ من العالم أجمع، ونشرَ الحق والخير وتحقيقَ العدالة.
انتهى