النصوص القرآنية الدالة على أن القرآن شفاء :
1- يقول الله تعالى: ﴿ وننـزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ﴾ ( سورة الإسراء – الآية: 82 ).
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسيره : ( أي : فالقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة . وليس ذلك لكل أحد ، وإنما ذلك للمؤمنين به المصدقين بآياته ، العاملين به.
وأما الظالمون بعدم التصديق به ، أو عدم العمل به ، فلا تزيدهم آياته إلا خسارا إذ به تقوم عليهم الحجة.
فالشفاء : الذي تضمنه القرآن ، عام لشفاء القلوب ، من الشبه ، والجهالة ، والآراء الفاسدة والانحراف السيئ ، والمقصود الرديئة. فإنه مشتمل على العلم اليقين، الذي تزول به كل شبهة وجهالة. والوعظ والتذكير ، الذي يزول به كل شهوة ، تخالف أمر الله
ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها. وأما الرحمة فإن ما فيه من الأسباب والوسائل ، التي يحث عليها متى فعلها العبد ، فاز بالرحمة والسعادة الأبدية، والثواب العاجل والآجل. هذه طبيعة الإنسان، من حيث هو إلا من هداه الله )( تيسير الكريم الرحمن – 3 / 128 )...
2- قال الله تعالى : ﴿ يا أيها الناس قد جائتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ﴾ ( سورة يونس – الآية: 57 )...
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن ناصر السعدي رحمه الله :(" شفاء لما في الصدور " وهو : هذا القرآن شفاء لما في الصدور ، من أمراض الشهوات الصادرة عن الانقياد للشرع ، وأمراض الشبهات ، القادحة في العلم اليقيني . فإن ما فيه من المواعظ والترغيب والترهيب والوعد والوعيد ، مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة . إذا وجدت فيه الرغبة في الخير ، والرهبة عن الشر ،ونمتا على تكرار ما يرد إليها ، من معاني القرآن ، أوجب ذلك ، تقديم مراد الله على مراد النفس ، وصار ما يرضي الله أحب إلى العبد من شهوة نفسه . وكذلك ما فيه من البراهين ، والأدلة التي صرفها الله غاية التصريف، وبينها أحسن بيان مما يزيل الشبه القادحة في الحق، ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين . وإذا صح القلب من مرضه ورفل بأثواب العافية ، تبعته الجوارح كلها ، فإنها تصلح بصلاحه وتفسد بفساده ) ( تيسير الكريم الرحمن – 2 / 326 )...
3- قال الحق تبارك وتعالى : ﴿ قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ﴾( سورة فصلت – الآية 44 ) ...
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسيره لهذه الآية: ( أي: يهديهم لطريق الرشد ، والصراط المستقيم ، ويعلمهم من العلوم النافعة ما به تحصل الهداية التامة . وشفاء لهم من الأسقام البدنية ، والأسقام القلبية ، لأنه يزجر عن مساوئ الأخلاق ، وأقبح الأعمال ، ويحث على التوبة النصوح ، التي تغسل الذنوب وتشفي القلب ) ( تيسير الكريم الرحمن – 4 / 403 )...
النصوص الحديثية الدالة على أن القرآن شفاء :
1 - عن عبد الله بن مسعود وعائشة ومحمد بن حاطب وجميلة بنت المجلل – رضوان الله عنهم أجمعين - : قالوا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المريض فدعا له، وفي رواية يعوذ بعضهم بمسحه بيمينه ويقول : { أذهب البأس . رب الناس . واشف أنت الشافي . لا شفاء إلا شفاؤك . شفاء لا يغادر سقما } ( أخرجه مسلم في صحيحه : كتاب السلام – 46، 47، 48 )...
قال ابن قيم الجوزية رحمة الله عليه:( في هذه الرقية توسل إلى الله بكمال ربوبيته ، وكمال رحمته بالشفاء ، وأنه وحده الشافي ، وأنه لا شفاء إلا شفاؤه ، فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته ) ( زاد المعاد – 4 / 188 )...
2- عن عثمان بن أبي العاص – رضي الله عنه – أنه قال: ( أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع قد كاد يهلكني ، فقال: ( امسح بيمينك سبع مرات وقل: أعوذ بعزة الله وقدرته وسلطانه، من شر ما أجد . قال : ففعلت فأذهب الله ما كان بي ، فلم أزل آمر به أهلي وغيري ) ( صحيح الترمذي – 1696 )...
قال النووي : ( ومقصوده أنه يستحب وضع يده على موضع الألم ، ويأتي بالدعاء المذكور . والله أعلم ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 / 357 )...
3- عن ابن عباس- رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما من مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك. إلا عوفي } ( قال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 5766 ) ...
قلت : في قول النبي صلى الله عليه وسلم " ما من مسلم يعود مريضا" أي يزوره. وفي قوله " لم يحضر أجله" أي لم يحن وقت موته والمرض الذي به ليس بمرض الموت. وفي قوله " إلا عوفي" أي : إلا شفاه الله من مرضه بدعوة أخيه له...
4- عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عليكم بالشفاءين العسل والقرآن }( أحاديث معلة ظاهرها الصحة – للشيخ أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي – برقم 247 )...
قال ابن طولون : ( وقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالشفاءين العسل والقرآن" وجمع في هذا القرآن بين الطب البشري والطب الإلهي، وبين الفاعل الطبيعي والفاعل الروحاني ، وبين طب الأجساد وطب الأنفس ، وبالسبب الأرضي والسبب السماوي، . وقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالشفاءين" فيه سر لطيف أي لا يكتفي بالقرآن وحده ويبطل السعي . بل يعمل بما أمر ويسعى في الرزق كما قدر ، ويسأله المعونة والتوفيق ) ( المنهل الروي في الطب النبوي – بتصرف – ص : 250 )..
5- عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها ، فقال : { عالجيها بكتاب الله }( أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم : 1419 ، أنظر السلسلة الصحيحة 1931 )..
قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - : ( وفي الحديث مشروعية الرقية بكتاب الله تعالى ، ونحوه مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الرقى. أما غير ذلك من الرقى فلا تشرع، لا سيما ما كان منها مكتوبا بالحروف المقطعة ، والرموز المغلقة ، التي ليس لها معنى سليم ظاهر ، كما ترى أنواعا كثيرة منها في الكتاب المسمى : شمس المعارف الكبرى.. ونحوه ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة – 4 / 566 بتصرف ) ...
* أقوال أهل العلم في التداوي بالرقية الشرعية :
قال الإمام النووي – رحمه الله – في شرح " وما أدراك أنها رقية" : ( فيه التصريح بأنها رقية فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض وسائر أصحاب الأسقام والعاهات ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 / 356 )...
وقال الحافظ بن حجر :( قال الإمام القرطبي معلقا على حديث عائشة – رضي الله عنها - : بسم الله، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا ، بإذن ربنا ) : فيه دلالة على جواز الرقى من كل الآلام ) ( فتح الباري – 10 / 208 ) ...
وقال ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى - : ( فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية ، وأدواء الدنيا والآخرة ، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به ، وإذا أحسن العليل التداوي به ، ووضعه على دائه بصدق وإيمان ، وقبول تام ، واعتقاد جازم ، واستيفاء شروطه ، لم يقاومه الداء أبدا ، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها ، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه،قال تعالى : ﴿أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون ﴾ ( سورة العنكبوت، الآية : 51 )..ثم قال: فمن لم يشفه القرآن ، فلا شفاه الله ، ومن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله )( الطب النبوي – ص : 352 )...
وقال : ( واعلم أن الأدوية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله ، وتمنع من وقوعه ، وإن وقع لم يقع وقوعا مضرا وإن كان مؤديا ، والأدوية الطبيعية إنما تنفع بعد حصول الداء ، فالتعوذات والأذكار إما أن تمنع وقوع هذه الأسباب ، وإما أن تحول بينها وبين كمال تأثيرها بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه ، فالرقى والعوذ تستعمل لحفظ الصحة ، ولإزالة المرض )( زاد المعاد – 4 / 182 ) ...
هذا والله أعلم
وأصلى وأسلم على محمد صلى الله عليه وسلم