قال الله عزّ وجل: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ..﴾ الحشر : ٢٣.
- المعنى :
اسم السلام مأخوذ من السلامة، أي : أن الله تعالى هو السالم الذي سلمتْ ذاته وأسماؤه وصفاته وأفعاله
من كل عيب ونقص وذم.
واسم السلام يتضمن سلامة أفعاله من العبث والظلم وخلاف الحكمة، وسلامة صفاته من مشابهة صفات المخلوقين
وسلامة أسمائه من كل ذم، فاسم السلام يتضمن إثبات جميع الكمالات له.
ومن معاني السلام : ناشر السلام بين الخلق، فالله هو السلام ومنه السلام، وهو الذي يعطي السلام لمن سأله وطلبه
لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته
استغفر الله ثلاثًا، وقال : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام، تبارَكْتَ ذا الجلال والإكرام ) رواه مسلم.
فهو سبحانه موصوف بالسلام، وهو مالك السلام ومَصْدُره ومعطيه.
- مقتضى اسم الله السلام وأثره :
ينبغي للمسلم إذا عرف ربه باسمه السلام أن يكثر من تعظيمه وتقديسه والثناء عليه، لأن اسم السلام يتضمن إثبات كل الكمالات له
ونفي كل النقائص عنه ولا يجتمع ذلك إلا في الله سبحانه وتعالى.
ويقتضي هذا الاسم كذلك أن يطلب المسلمُ السلامَ من الله تعالى، فهو سبحانه السلام ومنه السلام، والمسلم محتاج للسلام في الدنيا والآخرة،
فلن يصفو عيش لا في الدنيا ولا في الآخرة من غير تحقيق السلام، فالسلام هو عنوان العيش الكريم وأساسه.
قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ هود : ٦٦.
وقال تعالى : ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ يس : ٣٨.
وقال تعالى: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ ص : ٦٦.
- المعنى :
العزيز من العزة، أي : القوة والغَلَبَة والامتناع، فالله تعالى قوي غالب لا يُغلَب، قاهر لا يُقهر، فمن أراد العزة فليطلبها من الله العزيز
قال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً﴾ فاطر : ١٠.
لذلك من يعتزون بغير الله عز وجل اعتزازاً تاماً هم من أجهل الخلق، لأن المخلوق ضعيف، لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً
فكيف يلجأ ضعيفٌ إلى ضعيف.
وقد أخبرنا الله تعالى عن المنافقين الذين اتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين، يبتغون بذلك العزة عندهم، وتوعَّدهم على ذلك بالعذاب الأليم
قال تعالى: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً﴾
النساء: ١٣٨، ١٣٩.
- مقتضى اسم الله العزيز وأثره :
اسم الله العزيز يرسم للعبد طريق العزة والغلبة، ويوضّح له مصدرها، فالله العزيز الذي يُعز من يشاء ويُذل من يشاء، فمن أراد العزة فبالله ومن الله تعالى
وليس من المخلوق كما يسعى إلى ذلك كثير من الناس، وخصوصاً من يبتغون العزة ويطلبونها من الكفار وأعداء الإسلام
قال تعالى : ﴿ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً ﴾ النساء : ١٣٩.
فالمؤمن إذا عرف الله تعالى باسمه العزيز لم يعتزّ بغيره، لأن العزة كلها بيد الله، فالمؤمن عزيزٌ بربه ودينه وأمته
لا يتطلع إلى العزة عند أعداء الله من الكافرين والمنافقين.