سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتشر في الوطن العربي رقصة بما تسمى تحدي كيكي تدور فكرة رقصة كيكي حول هبوط الشخص الذي سيمارس رقصة كيكي من السيارة أثناء سيرها ببطئ ثم يتابع الرقص على أغنية على أن يقوم شخص آخر مرافق له بتصوير الرقصة. فما الحكم؟
< جواب الفتوى >
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أما عن سؤالك في حكم هذه الرقصة، بالتحرى عن أصلها ومنشأها، هم أهل الكفر، ورجل يدعى " شيغي " نشر عبر وسم له رقصة حماسية على أنغام أغنية لرجل كندي يدعى
" دريك ". فقام هذا الشاب ببث الفيديو عبر حسابه الذي يتابعه مليون ونصف شخص ليحظى الفيديو بأكثر من 6 مليون مشاهدة قبل أن يعقب هذا الانتشار محاولات الكثيرين حول العالم بممارسة رقصة كيكي أو تحديد كيكي في محاولة منهم لتقليدها، ثم انتشرت في البلاد العربية.
ثانياً:
وللرد على سؤالك ينقسم إلى حكم الرقص، وحكم الموسيقي والغناء ، وحكم تقليد أهل الكفر. فأما حكم الرقص عموماً: فهو يقع إما من النساء أو الرجال، فإن كان من النساء فعموم الرقص من النساء يجري عليه الأحكام الخمسة:
فهو محرم : إذا كان من النساء أمام الرجال ومعه مزامير الشيطان من آلات موسيقية ومعازف.
وهو مكروه : إذا كان من النساء للنساء بدون مناسبة وفيه تبذل وباب للفتنة بينهن.
وهو مباح : إذا كان من النساء للنساء في مناسبة من عيد أو عرس من باب إدخال الفرح والسرورعلى العروس.
وهو مندوب : من المرأة لزوجها بل ينزل منزلة الواجب إذا كان هذا الرقص سبباً للمتعة بينهما وزيادة المحبة من الرجل للمرأة وحفظا له عن النظر إلى المحرمات ، وكذلك إشباع شهوة الرجل بالحلال وزيادة دواعي الجماع بينهما ، ولكن بشرط أن يكون هذا محصور عليهما فقط ، ولا أحد يطلع عليه ، وكذلك ألا يكون مصحوب بآلات موسيقية.
أما إن كان من الرجال: فالحكم مقطوع فيه بالحرمة لأنه من خوارم المروءة ، ومن التشبه بالنساء، فعن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " لعَن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- المُتَشَبِّهينَ من الرّجالِ بالنّساءِ، والمُتَشَبِّهاتِ من النّساءِ بالرّجالِ). أخراجه البخاري.
وأما عن حكم الموسيقي والغناء: قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) لقمان: 6.
قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود عن قوله تعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " ، فقال : والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات ، وقال ابن عباس: هو الغناء ، وقال مجاهد: اللهو الطبل ( تفسير الطبري) ، وقال الحسن البصري: نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير ( تفسير ابن كثير) .
وقال تعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) الإسراء: 64.
قال مجاهد: استنزل منهم من استطعت ، قال : وصوته الغناء والباطل ، قال ابن القيم: ( وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرجل إليه كذلك ، فكل متكلم في غير طاعة الله أو مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان ، وكل ساع إلى معصية الله على قدميه فهو من رَجِله وكل راكب في معصيته فهو من خيالته ، كذلك قال السلف كما ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس : رجله كل رجل مشت في معصية الله ) إغاثة اللهفان.
وحدثنا عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري - والله ما كذبني- سمع النبي يقول: " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف. ولينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليه بسارحة لهم. يأتيهم - يعني الفقير- لحاجة، فيقولوا ارجع إلينا غداً. فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيام" أخرجه البخاري معلقاً ووصله الطبراني والبيهقي. قال شيخ الإسلام : فدل هذا الحديث على تحريم المعازف ، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة ، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها.
وأما عن حكم أنه تشبه بأهل الكفر: نهى الشرعُ المسلمين عن تقليد الكفار وبخاصة اليهود والنصارى ، وهذا النهي ليس عامّاً في كل أمورهم ، بل هو فيما كان من أمور دينهم وشعائرهم وخصائصهم التي يتميزون بها . عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ اليَهُودَ والنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟) رواه البخاري ومسلم. ففي هذا الحديث نهيٌ عن تقليد اليهود والنصارى ، وذم من اتبعهم وسلك مسلكهم ، وقد أكد الشرع هذا النهي ؛ وذلك بوصف من يتشبه بالكفار بأنه منهم . وعن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبّه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود، وصححه الألباني. قال شيخ الإسلام: وهذا أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم . والمقلِّد للكفار يشعر بعقدة النقص ، ويتحلى بالانهزامية والتردي ، لذا يسارع إلى سد نقصه بتقليد من يعظمه ، ولو وقف هؤلاء على عظمة تشريعات الإسلام ، وعرفوا فساد تلك الحضارة التي يركضون خلفها لعلموا أنهم على خطأ ، وأنهم تركوا ما هو كمال وحق إلى ما هو نقص وفساد . قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً ) المائدة:3.
ثم ما يفعلونه في الطرق العامة يعتبر من التعدي على حقوق الدولة والناس ومخالف للسنة النبوية،عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحدث فِيهَا، قَالَ: فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتُمْ إِلا الْمَجْلِسَ, فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ) رواه البخاري ومسلم.
فلا يجوز فعل هذا الأمر، وننصح الشباب والفتيات، ممن ينشرون هذه الرذيلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، التوبة والأوبة إلى الله عز وجل والتبرأ من هذا الفعل، وأن يجعلوا همهم، هم دينهم ووطنهم وقضايا هذه الأمة التي اجتمع عليها أهل الكفر من كل حدباً وصوب، ليرجع لها عزها ومجدها.