أنت غير مسجل في مسلم أون لاين . للتسجيل الرجاء أضغط هنـا
 

الإعلانات النصية


الإهداءات

العودة   منتديات مسلم أون لاين العودة مسلم أون لاين العـــام العودة قسم الحوار والنقاش العــام

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  مشاركة رقم : 1  
قديم 01-08-2016
رحيق مختوم


رقم العضوية : 67
تاريخ التسجيل : Oct 2015
الدولة : سوريا طرطوس
المشاركات : 119
بمعدل : 0.04 يوميا
معدل تقييم المستوى : 10
المستوى : رحيق مختوم نشيط

رحيق مختوم غير متواجد حالياً عرض البوم صور رحيق مختوم



المنتدى : قسم الحوار والنقاش العــام
افتراضي ياايها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك

اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَبَعْدُ: اَيُّهَا الْاِخْوَة: قَبْلَ الْبَدْءِ بِالْمُشَارَكَةِ: نُلْقِي اَوَّلاً ضَوْءاً سَرِيعاً عَلَى آَيَةٍ كَرِيمَةٍ مِنْ سُورَةِ التَّغَابُنِ: وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِن( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رُبَّمَا يَفْهَمُ هَذِهِ الْآَيَةَ مَفْهُوماً مَغْلُوطاً ثُمَّ يَقُومُ وَيَدْعُو اِلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِيَّةِ دُونَ اَنْ يَشْعُر! نَعَمْ اَخِي: وَالْجَبْرِيُّونَ هُمُ الَّذِينَ زَعَمُوا اَنَّ الْاِنْسَانَ لَا اِرَادَةَ وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي اَعْمَالِهِ وَاَقْوَالِهِ! بَلْ هُوَ كَالرِّيشَةِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ! اَوْ كَالسَّفِينَةِ فِي خِضَمِّ الْبَحْرِ! وَقَدْ عَتَتِ الْاَمْوَاجُ! وَلَايَسْتَطِيعُ الرُّبَّانُ اَنْ يُمْسِكَ بِهَا وَلَابِمِقْوَدِهَا! نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا مَذْهَبٌ ظَهَرَ فِي الْاِسْلَامِ! وَلَكِنَّهُ خَاطِىءٌ جِدّاً، بَلْ هُوَ خَطَاٌ خَطِيرٌ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، وَاِنَّمَا قَالَ: فَمِنْكُمْ بِالْفَاءِ، نَعَمْ اَخِي: وَفِي عَهْدِ الْجَبْرِيَّةِ فِي اَيَّامِهِمْ، وَنَحْنُ اَيْضاً فِي اَيَّامِنَا، اَعْظَمُ مَااُصِبْنَا بِهِ نَحْنُ وَهُمْ: اَنَّنَا جَمِيعاً جَهِلْنَا التَّذَوُّقَ، وَلَمْ نَشْعُرْ، وَلَمْ نَتَذَوَّقْ حَلَاوَةَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ كَمَا سَيَاْتِي فِي نِهَايَةِ الْمُشَارَكَةِ اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ اَعْظَمُ كَارِثَةٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّنَا صِرْنَا لَانَنْفَعِلُ بِالْقُرْآَن، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا مَنْ تَذَوَّقَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْلِماً! فَاِنَّهُ يَنْفَعِلُ مَعَ الْقُرْآَن(نَعَمْ اَخِي: وَفِي طُفُولَتِي عِنْدَمَا كُنْتُ فِي بِدَايَةِ الْمَرْحَلَةِ الثَّانَوِيَّةِ فِي الصَّفِّ الْعَاشِرِ، كَانَتْ مُدَرِّسَةُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ تَقْرَاُ اَمَامِي قَوْلَهُ تَعَالَى{(اَيَمَّا(الْاَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَاعُدْوَانَ عَلَيَّ(فَقُلْتُ لَهَا{اَيَّمَا(فَكَانَتْ مُصِرَّةً اِصْرَاراً شَدِيداً عَلَى (اَيَمَّا( الَّتِي لَانَجِدُ مَثِيلاً لَهَا فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ الْمُتَوَاتِرَةِ اِنْ لَمْ اَكُنْ مُخْطِئَة، فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذَا الْجَهْلِ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّذِي نَجِدُهُ اَيْضاً عَلَى مُسْتَوىً رَاقٍ جِدّاً مِمَّنْ يَحْمِلُونَ الدُّكْتُورَاهْ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة(نَعَمْ اَخِي: لَوْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ(فَمِنَ الْجَائِزِ اَنْ يَقُولَ اِنْسَانٌ مَا: اَللهُ تَعَالَى خَلَقَنَا، وَاخْتَارَ لِبَعْضِنَا الْكُفْرَ، وَاخْتَارَ لِبَعْضِنَا الْاِيمَانَ، نَعَمْ اَخِي: فَلَوْلَا وُجُودُ هَذِهِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ{فَمِنْكُمْ( لَاَصْبَحَتْ هَذِهِ الْآَيَةُ مِنَ الْآَيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ غَيْرِ الْمُحْكَمَةِ مُوَافِقَةُ لِمَذْهَبِ الْجَبْرِيَّة، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ اَنْ يَجِدَ الْجَبْرِيَّةُ مُسْتَنَداً اَوْ مُرْتَكَزاً لِاَقْوَالِهِمْ فِي آَيَاتِ الْقُرْآَنِ وَلَوْ كَانَتْ مُتَشَابِهَةً غَيْرَ مُحْكَمَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا، لَاتَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، وَلَكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَايَعْلَمُونَ، مُنِيبِينَ اِلَيْهِ(وَهَذِهِ الْآَيَاتُ هِيَ مِنْ سُورَةِ الرُّومِ يَقُولُ اللهُ فِيهَا{فِطْرَةَ اللهِ( وَالْمَعْنَى: اَيُّهَا النَّاس: اِلْزَمُوا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ اللهُ فِيهَا النَّاسَ عَلَى التَّوْحِيدِ، نَعَمْ اَخِي: وَاِنَّمَا اَشْرَكُوا اَوْ ضَلُّوا؟ بِسَبَبِ مُؤَثِّرَاتٍ نَفْسِيَّةٍ اَوْ خَارِجِيَّة، وَلَكِنَّ الْحَقِيقَةَ: اَنَّ النَّاسَ جَمِيعاً مَفْطُورُونَ عَلَى الْاِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ فُطُوراً وَغَدَاءً وَعَشَاءً يَجْرِي فِي دِمَائِهِمْ مُذْ كَانُوا فِي بُطُونِ اُمَّهَاتِهِمْ، بَلْ مُذْ كَانُوا ذَرَارِي فِي اَصْلَابِ آَبَائِهِمْ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ يَقُولُ سُبْحَانَهُ{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ *فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ(نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ الْفَاءُ لَاتُسَمَّى فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَاءَ التَّعْقِيبِ؟ لِاَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّعْقِيبِ، فَاِنَّ الْمَعْنَى سَيَاْتِي عَلَى غَيْرِ مُرَادِ اللهِ، وَهُوَ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَنَا وَفَوْراً جَعَلَنَا كَافِرِينَ اَوْ مُؤْمِنِينَ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الْجَبْرِيَّةِ، وَلِذَلِكَ لَاتُسَمَّى فَاءَ التَّعْقِيبِ، وَاِنَّمَا تُسَمَّى فَاءَ التَّفْرِيعِ، فَمَثَلاً اَخِي: اَنْتَ غَرَسْتَ الشَّجَرَةَ، فَتَفَرَّعَتْ اِلَى فُرُوعٍ: بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَنَا عَلَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ وَغَرَسَهَا فِي قُلُوبِنَا، فَتَفَرَّعَ عَنْ ذَلِكَ: اَنَّ الْبَعْضَ كَفَرَ، وَالْبَعْضَ آَمَنَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الَّذِي كَفَرَ مُذْ كَانَ طِفْلاً صَغِيراً، جَاءَتْهُ الشَّيَاطِينُ الْجِنِّيَّةُ وَالْاِنْسِيَّةُ كَوَالِدَيْهِ مَثَلاً، وَنَزَعَتْ مِنْ قَلْبِهِ مَاغَرَسَهُ اللهُ، كَمَا نَزَعَ اِبْلِيسُ مِنْ قَلْبِهِ مَاغَرَسَهُ اللهُ فِي قَلْبِ اِبْلِيسَ مِنْ طَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ فِي السُّجُودِ لِآَدَمَ وَمِنْ تَوْحِيدِهِ اَيْضاً سُبْحَانَهُ مُتَمَرِّداً عَلَى الله، نعم اخي: فَلَمَّا اَصْبَحَ الَّذِي كَفَرَ شَابّاً يَانِعاً نَاضِجاً، رَفَضَ اَنْ يُعِيدَ اِلَى قَلْبِهِ مَاغَرَسَهُ اللهُ كَمَا فَعَلَ اَبُوهُ آَدَمُ مِنَ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ بَعْدَ اَكْلِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ الْمُحَرَّمَةِ، بَلْ فَضَّلَ اَنْ يَكُونَ مُتَمَرِّداً عَلَى اللهِ كَمَا فَعَلَ اُسْتَاذُهُ وَمُعَلِّمُهُ اِبْلِيسُ مِنْ قَبْلُ فِي تَمَرُّدِهِ عَلَى الله، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُؤْمِنُ: فَاِنَّهُ اسْتَغَلَّ قَوْلَهُ تَعَالَى خَيْرَ اسْتِغْلَالٍ حِينَمَا اَخْبَرَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: لَايَغُرَّنَّكَ عَبْدِي الْمُؤْمِنَ كَيْدُ الشَّيْطَانِ وَلَاتَخَفْ مِنْهُ{اِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفَا(وَلِذَلِكَ حَاوَلَ اَنْ يَتَغَلَّبَ عَلَى كَيْدِ الشَّيْطَانِ بِكُلِّ مَااُوتِيَ مِنْ قُوَّةٍ مُحَافِظاً عَلَى مَاغَرَسَهُ اللهُ فِي قَلْبِهِ مُذْ كَانَ نُطْفَةً فِي ظَهْرِ اَبِيهِ، فَكَتَبَ اللهُ لَهُ النَّجَاحَ؟ لِاَنَّهُ يَسْتَحِقُّ النَّجَاحَ، وَاَمَّا الَّذِي يَتَمَرَّدُ عَلَى اللهِ مُتَجَاهِلاً لِلتَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَمُتَجَاهِلاً لِمَا بَقِيَ مِنْ اَثَرٍ وَلَوْ ضَعِيفٍ لِمَا غَرَسَهُ اللهُ فِي قَلْبِهِ، فَاِنَّهُ لَايَسْتَحِقُّ هَذَا النَّجَاحَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اَثَرَ اللهِ وَلَوْ كَانَ ضَعِيفاً، فَاِنَّهُ لَابُدَّ اَنْ يَتَغَلَّبَ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْاَحْمَقَ الْمَعْتُوهَ الْكَافِرَ لَا يُرِيدُ اَنْ يُنِيرَ قَلْبَهُ بِاَثَرٍ وَلَوْ ضَعِيفٍ مِنْ نُورِ الله، بَلْ يُرِيدُ اَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ قَلْبِهِ، بَلْ لَايُرِيدُ اَنْ يَبْقَى فِي قَلْبِهِ ذَرَّةٌ مِنْ اِيمَانٍ، بَلْ يُرِيدُ اَيْضاً اِطْفَاءَهُ بِنَارِ اُسْتَاذِهِ وَمُعَلِّمِهِ الشَّيْطَانِ الَّذِي يُرِيدُ بِدَوْرِهِ اَيْضاً اَنْ يُخْرِجَ اللهَ مِنْ قَلْبِهِ وَقَلْبِ تِلْمِيذِهِ وَهُوَ هَذَا الْكَافِرُ الْمَعْتُوهُ اِلَى الْاَبَد!!! نَعَمْ اَخِي: وَنَاْتِي الْآَنَ اِلَى تَكْمِلَةِ الشَّرْحِ لِلْآَيَاتِ الَّتِي بَدَاْنَا بِهَا مِنْ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَلَقَدْ وَصَلْنَا اِلَى قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{ يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى اَلَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلَايَسْرِقْنَ، وَلَايَزْنِينَ، وَلَايَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ، وَلَايَاْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ اَيْدِيهِنَّ وَاَرْجُلِهِنَّ، وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ، فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ، اِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم(نَعَمْ اَخِي: وَفِي الْمُشَارَكَةِ السَّابِقَةِ: شَرَحَتْ لَكُمْ اُخْتِي غُصُونُ قَوْلَهُ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ(نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ هُنَا{يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ(نَعَمْ اَخِي: وَطَبْعاً هَذِهِ الْآَيَةُ الْكَرِيمَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ، حِينَمَا فَتَحَ اللهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ مَكَّةَ، وَجَاءَ الرِّجَالُ فَبَايَعُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: وَقَبْلَ اَنْ نُتَابِعَ الشَّرْحَ اُحِبُّ اَنْ اُنَبِّهَ الَّذِينَ يَجْلِسُونَ عَلَى عَامُودِ الْمَسْجِدِ اَوْ سَارِيَتِهِ، فَاِذَا شَعَرْتَ اَخِي بِالنُّعَاسِ وَاَنْتَ جَالِسٌ تَسْتَنِدُ بِظَهْرِكَ عَلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ: فَاِنَّ جُلُوسَكَ عَلَى الْعَمُودِ اَوِ السَّارِيَةِ مَكْرُوهٌ عِنْدَ اللهِ كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: بِمَعْنَى اَنَّكَ اِذَا جَلَسْتَ فِي مَكَانٍ مُرِيحٍ وَكَانَ هَذَا الْمَكَانُ سَبَباً فِي نُعَاسِكَ وَ نَوْمِكَ وَغَفْلَتِكَ عَنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ وَعَنْ خُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ اَيْضاً: فَلَا يَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَنْ تُسْنِدَ ظَهْرَكَ عَلَى جِدَارٍ اَوْ حَائِطٍ اَوْ سَارِيَةٍ يُسَبِّبُ لَكَ النُّعَاسَ: اِلَّا اِذَا كُنْتَ مِنْ اَصْحَابِ الْاَعْذَارِ الشَّدِيدَةِ الْقَاهِرَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا مَاعَدَا ذَلِكَ: فَاِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِكَ اَنَّكَ تَبْقَى مُتَيَقِّظاً وَصَاحِياً وَمُنْتَبِهاً وَمُرَكِّزاً عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا الْاُسْتَاذُ اَوْ خَطِيبُ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ: فَلَا بَاْسَ اَنْ تَجْلِسَ وَتَسْتَرِيحَ كَمَا يَحْلُو لَكَ، نَعَمْ يَارَسُولَ الله{اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ(وَالْمُبَايَعَةُ اَخِي هُنَا: بِمَعْنَى الْمُعَاهَدَة، وَسُمِّيَتْ مُبَايَعَةً؟ لِاَنَّهُ يَحْصَلُ بِمُوجَبِهَا تَبَادُلٌ لِلْمَنَافِعِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ كَالْبَيْعِ تَمَاماً، نَعَمْ اَخِي: فَالْمُشْتَرِي يَدْفَعُ الثَّمَنَ، وَالْبَائِعُ يُسَلِّمُ السِّلْعَةَ: بِتَبَادُلٍ لِلْمَنَافِعِ هُنَا اَيْضاً بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الْمُعَاهَدَاتُ وَالْمُبَايَعَاتُ: فِيهَا تَبَادُلٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ لِلْاَسْرَى مَثَلاً اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْاُمُورِ، فَاَنْتُنَّ اَيُّهَا الْمُؤْمِنَاتُ كَمَا ذَكَرَتِ الْآَيَةُ: اِذَا فَعَلْتُنَّ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا، وَانْتَهَيْتُنَّ عَنْ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا: فَاَنْتُنَّ طَرَفٌ وَجَانِبٌ، وَاللهُ هُوَ الْجَانِبُ وَالطَّرَفُ الْآَخَرُ فِي هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ اَوِ الْمُعَاهَدَةِ، فَاِذَا وَفَّيْتُنَّ بِبَيْعَةِ اللهِ وَعَهْدِ اللهِ تَعَالَى، وَفَّى اللهُ بِعَهْدِكُمْ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَوْفُوا بِعَهْدِي اُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَاِيَّايَ فَارْهَبُونِ( نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ هِيَ الْمُبَايَعَة، نَعَمْ اُخْتِي: وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ اَنَّهُمْ اِذَا بَايَعُوا: اَنْ يَضَعَ اَحَدُهُمْ يَدَهُ فِي يَدِ الْآَخَرِ تَوْثِيقاً وَمُصَادَقَةً عَلَى الْعَقْدِ وَالْمُبَايَعَةِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: اَلْحُرُّ يُرْبَطُ بِلِسَانِهِ لَا بَيَدِهِ: بِمَعْنَى اَنَّ الْحُرَّ اِذَا اَعْطَى وَعْداً اَوْ عَهْداً، فَاِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ اَنْ يُنَفِّذَ هَذَا الْوَعْدَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَكْتُوباً فِي وَرَقَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُصَادَقاً عَلَيْهِ، وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا: فَمَعَ الْاَسَفِ: فَاِنَّكَ اَخِي تَرَى مِنَ الْوُعُودِ وَالْعُهُودِ الْمَكْتُوبَةِ رَسْمِيّاً وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ يُحَاوِلُ النَّاسُ الْمُنَافِقُونَ الْمُحْتَالُونَ الْخُبَثَاءُ بِكُلِّ طَاقَتِهِمْ وَجُهْدِهِمْ: اَنْ يَجْعَلُوهَا حِبْراً عَلَى وَرَقٍ، وَاَنْ يَتَمَلَّصُوا مِنْ هَذِهِ الْعُهُود، نَعَمْ يَارَسُولَ اللهِ:{اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ(قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كَانَ رَسُولُ اللهِ يُبَايِعُهُنَّ بِدُونِ مُصَافَحَةٍ، وَاَمَّا الرِّجَالُ فَكَانَ يُصَافِحُهُمْ، وَقَالَتْ كَذَلِكَ: مَامَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَاَةٍ اَوْ كَفَّ امْرَاَةٍ لَاتَحِلُّ لَهُ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتْ مُبَايَعَةُ الرِّجَالِ مَعَ الْمُصَافَحَةِ، نَعَمْ اُخْتِي: وَاَمَّا مُبَايَعَةُ النِّسَاءِ: فَلَمْ تَكُنْ مَعَ الْمُصَافَحَةِ، نَعَمْ يَارَسُولَ اللهِ:{اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ( فَمَاهِيَ بُنُودُ هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ اَوِ الْمُعَاهَدَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هِيَ سِتُّ بُنُودٍ{اَلَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلَايَسْرِقْنَ، وَلَايَزْنِينَ، وَلَايَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ، وَلَايَاْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ اَيْدِيهِنَّ وَاَرْجُلِهِنَّ، وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ(نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ هِيَ بُنُودُ هَذِهِ الْمُعَاهَدَةِ السِّتَّةِ، نَعَمْ اَخِي: فَلَمَّا قَرَاَ رَسُولُ اللهِ عَلَى النَّاسِ هَذِهِ الْآَيَةَ، جَاءَتِ النِّسَاءُ، وَجَاءَتْ مَعَهُنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ وَهِيَ اُمُّ مُعَاوِيَةَ وَهِيَ امْرَاَةُ اَبُو سُفْيَانَ، فَجَاءَتْ وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ؟ حَتَّى لَايَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! لِمَاذَا؟ وَهَلْ نَسِيتَ اَخِي يَوْمَ غَزْوَةِ اُحُدَ! وَمَاذَا فَعَلَتْ بِحَمْزَةَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ! وَكَيْفَ بَقَرَتْ بَطْنَهُ! وَاَخْرَجَتِ الْكَبِدَ فَلَاكَتْهُ! فَلَمْ تَسْتَسِغْهُ! فَلَفَظَتْهُ! وَوَضَعَتْ اَمْعَاءَهُ قَلَائِدَ فِي عُنُقِهَا! وَحَتَّى اُذُنَيْهِ اَيْضاً وَضَعَتْهُمَا فِي اُذُنَيْهَا! نَعَمْ اَخِي: فَظَنَّتْ هِنْدُ بَعْدَ كُلِّ هَذَا: اَنَّ ثَاْراً لَايَزَالُ قَائِماً بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلِذَلِكَ جَاءَتْ مُنْتَقِبَةً مُقَنَّعَةً مُتَخَفِّيَةً بِهَذَا النِّقَابِ الَّذِي وَضَعَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، فَلَمَّا قَرَاَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ هَذِهِ الْآَيَةَ، قَالَتْ يَارَسُولَ اللهِ: لِمَاذَا لَمْ تُبَايِعْنَا كَمَا بَايَعْتَ الرِّجَالَ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ بَايَعَ الرِّجَالَ عَلَى الْاِسْلَامِ وَالْجِهَادِ، فَقَالَتْ هِنْدُ: لِمَاذَا لَمْ تُبَايِعْنَا نَحْنُ مَعَاشِرَ النِّسَاءِ اَيْضاً عَلَى الْاِسْلَامِ وَالْجِهَادِ؟! فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا! نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى {يُبَايِعْنَكَ عَلَى اَلَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلَايَسْرِقْنَ(فَقَالَتْ هِنْدُ: يَارَسُولَ اللهِ! اَبُو سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ (بَخِيلٌ شَدِيدُ الْبُخْلِ لَايُنْفِقُ عَلَيْنَا(آَخُذُ مِنْ مَالِهِ مَايَقُوتُنِي(يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي وَيَكْسُونِي(وَاَوْلَادِي، نَعَمْ يَارَسُولَ اللهِ: فَاَنَا آَخُذُ مِنْ مَالِهِ دُونَ اَنْ يَشْعُرَ؟ مِنْ اَجْلِ حَاجَتِي وَحَاجَةِ اَوْلَادِي، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ اَبُو سُفْيَانَ قَرِيباً مِنْهَا، فَقَالَ لَهَا: هِيَ لَكِ حَلَالٌ، نَعَمْ اَخِي: فَلَمَّا قَالَ لَهَا اَبُو سُفْيَانَ ذَلِكَ، عَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَنَّهَا هِنْدُ! فَقَالَ لَهَا: اَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَة! قَالَتْ: نَعَمْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ يَارَسُولَ الله! عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَف، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَف! عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام! فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذَا الْخُلُقِ الْعَظِيمِ فِي رَسُولِ الْاِسْلَامِ وَفِي الْاِسْلَامِ الَّذِي يَجُبُّ مَاقَبْلَهُ فِي كُلِّ الْجَرَائِمِ الَّتِي ارْتَكَبَتْهَا هِنْدُ وَالَّتِي عَفَا اللهُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ اِسْلَامِهَا! بَلْ اَعْطَاهَا الْاِسْلَامُ وَزَوْجَهَا اَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ! فَصَارَ بَيْتُ اَبُو سُفْيَانَ مَرْكَزَ اَمَانٍ! بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:[ مَنْ دَخَلَ دَارَ اَبُو سُفْيَانَ فَهُوَ آَمِنٌ!( نَعَمْ اَخِي: وَكَانَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ قَوِيَّةً، وَكَانَتْ تَتَحَكَّمُ بِزَوْجِهَا! وَكَانَ زَوْجُهَا يَخَافُ مِنْهَا! وَلِذَلِكَ حِينَمَا اَسْلَمَ اَبُو سُفْيَانَ قَالَ: اَيُّهَا النَّاسُ: يَقُولُ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ دَخَلَ دَارَ اَبُو سُفْيَانَ فَهُوَ آَمِنٌ، فَخَرَجَتْ هِنْدُ وَاَخَذَتْ بِشَنَبِهِ الْكَبِيرِ! وَلَفَّتْهُ بِيَدِهَا الْيُمْنَى! وَقَالَتْ: قَبَّحَكَ اللهُ مِنْ طَلِيعَة(أَيْ اَنَّ طَالِعَكَ هُوَ طَالَعُ سُوءٍ: كَمَا كَانَ اَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَشَاءَمُونَ اَوْ يَتَفَاءَلُونَ حِينَمَا يَقْرَؤُونَ مَايُسَمَّى بِالطَّالِعِ كَمَا فِي اَيَّامِنَا اَيْضاً، فَجَاءَ الْاِسْلَامُ اَخِي: وَاَمَرَ اَتْبَاعَهُ اَنْ يَبْقَوْا مُتَفَائِلِينَ بِرَحْمَةِ اللهِ فِي كُلِّ اَحْوَالِهِمْ مِنْ خَيْرٍ اَوْ شَرٍّ اَصَابَهُمْ، وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ النَّعْرَةِ الْجَاهِلِيَّةِ الْخَبِيثَةِ الْمُتَشَائِمَةِ عِنْدَ الْبَعْضِ مِمَّنْ اَسْلَمَ مُتَاَخِّراً كَهِنْدٍ مَثَلاً فَقَالَتْ( لَاتُصَدِّقُوا هَذَا الزِّقَّ الْمُنْتَفِخَ! فَكَيْفَ يَسَعُ بَيْتُكَ النَّاسَ! نَعَمْ اَخِي: وَالرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَقُلْ لَهُ بَيْتُكَ فَقَطْ يَااَبَا سُفْيَانَ، وَكَانَ يَعْلَمُ اَنَّ بَيْتَهُ فَقَطْ لَايَسَعُ النَّاسَ، وَاِنَّمَا قَالَ لَهُ وَلِلنَّاسِ: مَنْ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ الْحَرَامَ فَهُوَ آَمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ اَبُو سُفْيَانَ فَهُوَ آَمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ وَاَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آَمِنٌ، لَكِنَّ اَبَا سُفْيَانَ لَمْ يَذْكُرْ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ اَمَامَ النَّاسِ اِلَّا بَيْتَهُ فَقَطْ لِمَاذَا؟ حَتَّى يَبْقَى لَهُ هَذَا الْفَخْرُ وَحْدَهُ فَقَطْ، نَعَمْ اَخِي: وَلَكِنَّ زَوْجَتَهُ هِنْداً قَالَتْ: اُقْتُلُوا هَذَا الزِّقَّ الْمُنْتَفِخَ! نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ الزِّقِّ: هِيَ الضَّرْفُ الْمُنْتَفِخُ الَّذِي كَانُوا يَضَعُونَ فِيهِ الزَّيْتَ اَيَّامَ زَمَان، وَكَانَ اَبُو سُفْيَانَ لَهُ بَطْنٌ كَبِيرٌ مُنْتَفِخٌ يُشْبِهُ هَذَا الضَّرْفَ، فَشَبَّهَتْ هِنْدُ بَطْنَ زَوْجِهَا بِهَذَا الضَّرْفِ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ: اُقْتُلُوا هَذَا الزِّقَّ الْمُنْتَفِخَ؟ تَشْبِيهاً لِبَطْنِهِ بِهَذَا الضَّرْفِ، فَقَالَ لَهَا مِنْ خَوْفِهِ الشَّدِيدِ مِنْهَا: لَا بَلْ قَالَ رَسُولُ اللهِ: مَنْ دَخَلَ بَيْتِي فَهُوَ آَمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ الْحَرَامَ اَوِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ اَوْ دَخَلَ دَارَهُ وَاَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آَمِنٌ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتْ شَخْصِيَّتُهَا قَوِيَّةٌ، وَكَانَ يَهَابُهَا حَتَّى الرِّجَال! نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ قَرَاَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّاسِ قَوْلَهُ تَعَالَى{وَلَايَزْنِينَ( فَقَالَتْ هِنْدُ: اَوَ تَزْنِي الْحُرَّةُ يَارَسُولَ الله! وَهَلِ امْرَاَةٌ عِنْدَهَا كَرَامَةٌ مُمْكِنْ اَنْ تُبَاشِرَ هَذِهِ الْجَرِيمَة! فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ ثُمَّ قَرَاَ عَلَى النَّاسِ{وَلَايَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ(نَعَمْ اَخِي: وَكَانَتْ بَعْضُ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ تَقْتُلُ اَوْلَادَهَا! اِمَّا لِلْعَارِ: كَمَا كَانُوا يَقْتُلُونَ الْبَنَاتِ فِي بَعْضِ الْقَبَائِلِ! وَاِمَّا خَوْفاً مِنَ الْفَقْرِ!: فَكَانُوا يَقْتُلُونَ الذُّكُورَ وَالْاِنَاثَ؟ مِنْ اَجْلِ الْفَقْرِ! فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَلَايَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ(أَيْ لَاتَكُونُ الْاُمُّ سَبَباً فِي قَتْلِ وَلَدِهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ، بِاِلْحَاحِهَا عَلَى زَوْجِهَا فِي مُطَالَبَتِهِ بِلُقْمَةِ عَيْشِهَا وَعَيْشِ اَوْلَادِهَا مُحَمِّلَةً اِيَّاهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَلَاجَنِيناً وَهُوَ فِي رَحِمِ اُمِّهِ، بَلْ عَلَيْهَا وَعَلَى زَوْجِهَا اَيْضاً اَنْ يَجِدَا اِلَى لُقْمَةِ الْعَيْشِ سَبِيلاً عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ(فَاِذَا وَسَّعَ اللهُ عَلَى زَوْجِهَا فِي الْعَطَاءِ وَالْمَالِ وَالرِّزْقِ، فَلْيُوَسِّعْ زَوْجُهَا اَيْضاً عَلَيْهَا وَعَلَى اَوْلَادِهَا، وَلَكِنْ{مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ(أَيْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ أَيْ ضَيَّقَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ وَالْعَطَاءِ{فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللهُ(وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ لَايَمْلِكُ غَيْرَهَا{لَايُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً اِلَّا مَاآَتَاهَا، سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرَا(َنَعَمْ اَخِي: ثُمَّ قَرَاَ رَسُولُ اللهِ{وَلَايَاْتِينَ بِبُهْتَانٍ(وَالْبُهْتَانُ هُوَ اَشَدُّ اَنْوَاعِ الْكَذِبِ الَّذِي{يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ اَيْدِيهِنَّ وَاَرْجُلِهِنَّ(بِمَعْنَى اَنْ تَاْتِيَ الْمَرْاَةُ بِوَلَدٍ لَقِيطٍ وَتَزْعُمُ اَنَّهُ ابْنُ زَوْجِهَا سَوَاءً كَانَ هَذَا الْوَلَدُ مِنْ زِنَاهَا وَخِيَانَتِهَا لِزَوْجِهَا، اَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الْاُمَّهَاتِ الْخَائِنَاتِ، اَوْ كَانَ وَلَداً شَرْعِيّاً مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الْاُمَّهَاتِ اَيْضاً، وَالْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآَيَةِ: هُوَ اَنْ تَرْتَكِبَ جَرِيمَةَ الزِّنَى مَعَ رَجُلٍ آَخَرَ غَيْرِ زَوْجِهَا الْحَلَالِ، ثُمَّ تَاْتِيَ مِنْهُ بِوَلَدٍ مِنَ الزِّنَى، ثُمَّ تَاْتِيَ بِهَذَا الْوَلَدِ وَتَقُولَ لِزَوْجِهَا: هَذَا ابْنِي مِنْكَ اَوْ هَذَا ابْنُكَ! فَهَذَا مِنْ اَكْبَرِ الْبُهْتَانِ وَالْكَذِبِ، نَعَمْ اَخِي: وَبَعْضُ النَّاسِ فِي اَيَّامِنَا يَلْجَاُ اِلَى شِبْهِ ذَلِكَ مِنَ الْبُهْتَانِ وَالْكَذِبِ! كَمَا تَاْتِينَا دَائِماً بَعْضُ الْاَسْئِلَةِ وَفِيهَا: اَنَّ رَجُلاً مُتَزَوِّجٌ مِنِ امْرَاَة، وَهَذِهِ الْمَرْاَةُ لَاتُنْجِبُ، وَلَكِنَّهُ هُوَ قَابِلٌ لِلْاِنْجَابِ اَوْ قَادِرٌ عَلَى الْاِنْجَابِ، فَيَتَزَوَّجُ مِنِ امْرَاَةٍ اُخْرَى، وَيَشْتَرِطُ عَلَى هَذِهِ الْمَرْاَةِ الْاُخْرَى الَّتِي تَزَوَّجَهَا حِينَمَا تُرْزَقُ وَلَداً: اَنْ يُنْسَبَ مِنْ نَاحِيَةِ الْاُمِّ اِلَى امْرَاَةِ اَبِيهِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ الْاُولَى الَّتِي لَاتُنْجِبُ! فَهَلْ هَذَا حَرَامٌ اَوْ حَلَالٌ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ هَذَا مِنْ اَكْبَرِ الْحَرَامِ وَالْبُهْتَان، وَيَالَطِيف! وَالْعَيَاذُ بِاللهِ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهَا تَجْعَلُ الْمُحَرَّمَاتِ مُحَلَّلَاتٍ، وَتَجْعَلُ الْمُحَلَّلَاتِ مُحَرَّمَاتٍ، وَتَحْرِمُ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا نَتَائِجُ وَخِيمَةٌ لَاحَدَّ لَهَا وَلَاحَصْرَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ مَالَايَعْلَمُهُ اِلَّا اللهُ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْاَرْضِ {وَاللهُ لَايُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ( لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذَا الْوَلَدَ اِذَا كَانَ اُنْثَى: فَاِذَا مَاتَتْ اُمُّهَا الْمَزْعُومَةُ الَّتِي لَاتُنْجِبُ، فَاِنَّ هَذِهِ الْاُنْثَى تَحْجُبُ جَمِيعَ اَخَوَاتِ الْاُمِّ الْمَزْعُومَةِ وَاِخْوَتِهَا عَنِ الْمِيرَاثِ حَجْبَ نُقْصَانٍ وَفِي هَذَا ظُلْمٌ كَبِيرٌ لِاْخَوَتِهَا وَاَخَوَاتِهَا لَايَرْضَاهُ اللهُ، وَاَمَّا اِذَا كَانَ هَذَا الْوَلَدُ ذَكَراً: فَاِذَا مَاتَتْ اُمُّهُ الْمَزْعُومَةُ الَّتِي لَاتُنْجِبُ: فَاِنَّهُ يَحْجُبُ جَمِيعَ اِخْوَتِهَا وَاَخَوَاتِهَا عَنِ الْمِيرَاثِ حَجْبَ حِرْمَانٍ، وَفِي هَذَا ظُلْمٌ اَكْبَرُ لِاِخْوَتِهَا وَاَخَوَاتِهَا لَايَرْضَاهُ اللهُ اَيْضاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذَا الْوَلَدَ الْمَزْعُومَ لِغَيْرِ اُمِّهِ، يُؤَدِّي بِاَبِيهِ اِلَى التَّلَاعُبِ بِالْمِيرَاثِ وَالتَّعَدِّي عَلَى الْحُدُودِ الْمِيرَاثِيَّةِ الَّتِي حَدَّدَهَا اللهُ وَتَخَطِّيهَا، وَيُؤَدِّي بِالْاَبِ الظَّالِمِ وَالْاُمِّ الْمَزْعُومَةِ الظَّالِمَةِ اِلَى الدُّخُولِ فِي مَحْظُورٍ خَطِيرٍ جِدّاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي نِهَايَةِ آَيَاتِ الْمِيرَاثِ{وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِين(نَعَمْ اَخِي: فَكَمَا اَنَّ الرَّجُلَ لَايَجُوزُ لَهُ شَرْعاً اَنْ يَتَبَنَّى أَيَّ اِنْسَانٍ وَاَنْ يُلْحِقَهُ بِهِ اَوْ بِنَسَبِهِ، فَكَذَلِكَ اَيْضاً لَايَجُوزُ شَرْعاً اَبَداً اَنْ يُلْحَقَ الْوَلَدُ بِغَيْرِ اُمِّه، لَكِنْ اِذَا اَرَادَتْ هَذِهِ الَّتِي لَاتُنْجِبُ اَنْ تُشَارِكَ اُمَّهُ الْحَقِيقِيَّةَ فِي تَرْبِيَتِهِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ وَالْحَنَانِ فَلَامَانِعَ شَرْعِيّاً مِنْ ذَلِكَ بَلْ بِاِمْكَانِهَا اَيْضاً اَنْ تُوصِيَ لَهُ قَبْلَ وَفَاتِهَا مِنْ اَمْوَالِهَا وَصِيَّةً لَاتَتَجَاوَزُ الثُّلُثَ مِنْ هَذِهِ الْاَمْوَالِ وَالتَّرِكَةِ مَعاً، وَاَمَّا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهُوَ حَرَامٌ شَرْعاً، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى{وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوف( فَقَالَتْ لَهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ: مَاجِئْنَا اِلَيْكَ لِنَعْصِيَكَ، وَاِنَّمَا جَاءَتِ النِّسَاءُ هُنَا؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَسْتَمِعَ اِلَيْكَ وَاَنْ تَسْتَجِيبَ لَكَ يَارَسُولَ الله، نَعَمْ اَخِي: وَلَمْ تَتْرُكْ هِنْدُ لِرَسُولِ اللهِ مَجَالاً دُونَ اَنْ تُعَلِّقَ عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا، وَلَكِنَّهَا تَعْلِيقَاتٌ بَنَّاءَةٌ لَاتَخْلُو مِنَ الْخَيْرِ، نَعَمْ اَخِي{وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ(بِمَعْنَى لَايَعْصِينَكَ يَارَسُولَ اللهِ فِي مَعْرُوفٍ، نَعَمْ اَخِي: وَهُنَا وَقْفَةٌ لَابُدَّ مِنْهَا مَعَ هَذِهِ الْآَيَةِ الْمُتَشَابِهَةِ الْمُشْكِلَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ جَاهِلاً رُبَّمَا يَفْهَمُ مِنْهَا مَايُسَمَّى مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ: وَهُوَ اَنَّ عَلَى هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ اَنْ يَعْصِينَ رَسُولَ اللهِ فِي غَيْرِ مَعْرُوفٍ عَمَلاً بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام [لَاطَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ( حَتَّى وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمَخْلُوقُ رَسُولَ اللهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ قَائِلاً لَابُدَّ اَنْ يَقُولَ وَيَتَسَاءَلَ؟ وَهَلِ الرَّسُولُ يَاْمُرُ اِلَّا بِالْمَعْرُوف! وَهَلِ الرَّسُولُ يَنْهَى عَنْ غَيْرِ الْمُنْكَر! وَهَلْ يَنْهَى عَنِ الْمَعْرُوف! بِمَعْنَى وَهَلِ الرَّسُولُ يَنْهَى اِلَّا عَنِ الْمُنْكَرِ! وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ بِسُؤَالٍ مُعَقَّدٍ وَاَصْعَبَ مِنْ هَذَا السُّؤَالِ: وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ بَعْضِ الرُّسُلِ{قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَاتَصِفُون( وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الرُّسُلِ: وَهَلِ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَحْكُمُ بِغَيْرِ الْحَقِّ! بِمَعْنَى وَهَلِ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَحْكُمُ اِلَّا بِالْحَقِّ! وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ اَوّلاً: لَايُوجَدُ مَايُسَمَّى بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فِي هَاتَيْنِ الْآَيَتَيْنِ، لَا عَلَى اللهِ، وَلَا عَلَى رَسُولِهِ اَبَداً، اِلَّا عَلَى مَنْ يَاْتِي بَعْدَ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ اَوْلِيَاءِ الْاُمُورِ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ وَرَثَةِ الْاَنْبِيَاء، فَهَؤُلَاءِ يَسْرِي عَلَيْهِمْ وَيَجْرِي فِي حَقِّهِمْ مَايُسَمَّى بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ هَذَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ رُبَّمَا يَاْمُرُونَ بِغَيْرِ مَعْرُوفٍ وَيَنْهَوْنَ عَنْ غَيْرِ مُنْكَرٍ، بِمَعْنَى اَنَّهُمْ رُبَّمَا يَفْعَلُونَ فِعْلَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ {يَاْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ( وَلِذَلِكَ يَجْرِي فِي حَقِّهِمْ وَيَسْرِي عَلَيْهِمْ كَمَا يَسْرِي عَلَى الْوَالِدَيْنِ اَيْضاً قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ[لَاطَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ الْخَالِقِ(نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ مَنْ يَاْتِي بَعْدَ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِي الْمَعْرُوفِ، وَلَاتَجُوزُ طَاعَتُهُمْ فِي الْمُنْكَرِ، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اُمِرَ الْمُؤْمِنُ بِالْمَعْصِيَةِ مِنْ أَيِّ اِنْسَانٍ كَائِناً مَنْ كَانَ مِنْ وَالِدَيْهِ اَوْ مِنْ وَلِيِّ اَمْرِهِ، اَوْ مِنْ شَيْطَانِهِ الرَّجِيمِ اَوْ مِنْ نَفْسِهِ الْاَمَّارَةِ بِالسُّوءِ وَالْهَوَى الشَّيْطَانِيِّ فَلَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يُطِيعَ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً، مَهْمَها زَيَّنُوا لَهُ هَذِهِ الْمَعْصِيَةَ وَحَسَّنُوهَا وَجَمَّلُوهَا فِي نَاظِرَيْهِ اِلَّا فِيمَا يَاْمُرُونَهُ مِنْ طَاعَةِ اللهِ(* فَاِذَا اَطَاعَهُمْ فِي مَعْصِيَةٍ فَلَيْسَ لَهُ اِلَّا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ الَّتِي يَغْفِرُ اللهُ بِهَا الذُّنُوبَ جَمِيعاً، لَكِنْ عَلَيْهِ اَنْ يَتَحَمَّلَ تَبِعَاتِ مَعْصِيَتِهِ وَتَدَاعِيَاتِهَا اَمَامَ الْقَانُونِ الَّذِي رُبَّمَا يَعْفُو عَنْهُ اِذَا عَفَا عَنْهُ اَهْلُ الْقَتِيلِ، وَرُبَّمَا يَجْلِبُ لَهُ الْقِصَاصَ اِذَا طَالَبَ اَهْلُ الْقَتِيلِ بِقِصَاصِهِ، لَكِنْ عَلَى اَهْلِ الْقَتِيلِ اَنْ يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ شَدِيدٍ مِنْ مَزِيدٍ مِنْ اِرَاقَةِ الدِّمَاءِ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ، فَاِذَا اَصَرُّوا عَلَى الْقِصَاصِ وَتَجَاهَلُوا مَاشَرَعَ اللهُ مِنَ الدِّيَةِ وَالْعَفْوِ، فَهَؤُلَاءِ مِمَّنْ قَالَ رَسُولُ اللهِ فِيهِمْ[هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ(نَعَمْ اَخِي: وَالْمُتَنَطِّعُونَ هُمُ الْمُتَشَدِّدُونَ وَالْمُتَزَمِّتُونَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ(وَهُوَ مَاشَرَعَ اللهُ مِنَ الْقِصَاصِ{وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ(وَهُوَ مَاشَرَعَ اللهُ مِنَ الدِّيَةِ وَالْعَفْوِ{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ اِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ اِلَى اَشَدِّ الْعَذَابِ، وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُون(فَاِذَا كَانَ الْقِصَاصُ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ يُؤَدِّي اِلَى مَزِيدٍ مِنْ اِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَسَفْكِهَا، فَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ(أَيْ حَيَاةٌ وَاحِدَةٌ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَقَطْ رُبَّمَا يَنْجُو مِنْ تَدَاعِيَاتِ هَذَا الْقِصَاصِ الْخَطِيرَةِ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْحَيَاةَ لَاتَكْفِي لِبَقَاءِ الْجَمِيعِ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ، وَلِذَلِكَ شَرَعَ اللهُ الْعَفْوَ وَالدِّيَةَ؟ مِنْ اَجْلِ بَقَاءِ الْجَمِيعِ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاة، نَعَمْ اَخِي: وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ كَلِمَةَ حَيَاةٍ هُنَا جَاءَتْ فِي سِيَاقِ النَّكِرَةِ فِي الْآَيَةِ، وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ النَّكِرَةَ تُفِيدُ تَعْظِيمَ هَذِهِ الْحَيَاةِ، وَلَكِنَّ الْحَيَاةَ مَهْمَا كَانَتْ عَظِيمَةً فِي هَذِهِ الْآَيَةِ، فَاِنَّهَا لَاتَخْلُو مِنْ مَخَاطِرَ هَائِلَةٍ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ الَّتِي لَمْ تَتَعَوَّدْ عَلَى الْقِصَاصِ وَالَّتِي تُطَالِبُ فِي اَيَّامِنَا بِاِلْغَاءِ حُدُودِ اللهِ وَالْعَيَاذُ بِالله، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ نَحْنُ نَقُولُ: اَنَّ النَّكِرَةَ كَمَا تُفِيدُ التَّعْظِيمَ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَاِنَّهَا اَيْضاً تُفِيدُ الْمَجْهُولَ، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ كَمَا تَحْتَمِلُ تَعْظِيمَ هَذِهِ الْحَيَاةِ، فَاِنَّهَا اَيْضاً تَحْتَمِلُ اَنَّ اللهَ اَرَادَ بِهَا حَيَاةً مَجْهُولَةً تَجْلِبُ لَنَا الْخَوْفَ مِنَ الْمَجْهُولِ اِذَا اَصَرَّ اَهْلُ الْقَتِيلِ عَلَى الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْمُجْتَمَعَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ جَاهِزَةً بَعْدُ لِلتَّعَامُلِ مَعَ حُدُودِ اللهِ بِجِدِّيَّةٍ وَمِنْهَا الْقِصَاصُ الَّذِي لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ بِهِ عَلَيْنَا كَمَا ضَيَّقَ بِهِ عَلَى آَخَرِينَ مِنْ قَبْلِنَا حِينَمَا اَلْزَمَهُمْ بِالْقِصَاصِ، بَلْ شَرَعَ سُبْحَانَهُ الْعَفْوَ وَالدِّيَةَ كَمَا شَرَعَ الْقِصَاصَ، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ كَمَا ذَكَرْنَا لَكُمْ فِي مُشَارَكَاتٍ سَابِقَةٍ ايها الاخوة: هُوَ كَالصَّيْدَلِيَّةِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الطَّبِيبِ الْمُفْتِي وَالْعَالِمِ الْعَلَّامَةِ: اَنْ يَكُونَ عَلَى حَذَرٍ شَدِيدٍ حِينَمَا يُرْشِدُ النَّاسَ اِلَى دَوَائِهَا، فَاِذَا وَصَفَ لَهُمْ دَوَاءً شَدِيداً مِنَ الْقِصَاصِ ذُو عِيَارٍ ثَقِيلٍ وَمَفْعُولٍ قَوِيٍّ: فَاِنَّهُ رُبَّمَا يَنْجَحُ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ نَجَاحاً سَاحِقاً بَاهِراً عَظِيماً، وَرُبَّمَا يَنْجَحُ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ الْاُخْرَى نَجَاحاً جُزْئِيّاً تَكُونُ لَهُ عَوَاقِبُ بَسِيطَةٌ، لَكِنْ رُبَّمَا يَكُونُ لَهُ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ تَدَاعِيَاتٌ خَطِيرَةٌ وَعَوَاقِبُ وَخِيمَةٌ مِنَ الْاَعْرَاضِ الْجَانِبِيَّةِ الْمُؤَثِّرَةِ الَّتِي لَايُمْكِنُ عِلَاجُهَا اِلَّا بِمَا شَرَعَ اللهُ مِنَ الْعَفْوِ وَالدِّيَةِ(* نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ جَاءَتْ بَلَاغَةُ قَوْلِهِ تَعَالَى الْاِعْجَازِيَّةُ فِي قَوْلِهِ{وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ(لِتَشْمَلَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكَ اَيْضاً يَارَسُولَ اللهِ، فَاِذَا اَمَرَهُمْ مَنْ جَاءَ بَعْدَكَ بِمُنْكَرٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْرُوفٍ، فَلَا يُطِيعُونَهُ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَهُوَ مَعْصُومٌ عَنْ اَنْ يَاْمُرَ بِمُنْكَرٍ اَوْ يَنْهَى عَنْ مَعْرُوفٍ وَحَاشَاهُ مِنْ ذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْجَوَابُ الثَّانِي عَلَى هَذِهِ الْآَيَةِ الْمُشْكِلَةِ فِي فَهْمِهَا عَلَى السُّفَهَاءِ مِنَ النَّاسِ وَهُمْ ضُعَفَاءُ الْعُقُولِ الَّذِينَ لَايُحْسِنُونَ التَّصَرُّفَ فِي تَدَبُّرِ آَيَاتِ اللهِ: اَنَّ بَعْضَ النَّاسِ رُبَّمَا يَغِيبُ عَنْ اَذْهَانِهِمْ اَحْيَاناً اَنَّ اللهَ لَايَحْكُمُ اِلَّا بِالْحَقِّ؟ بِسَبَبِ مُعَانَاتِهِمْ فِي فَهْمِ مَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ اَحَدِ الرُّسُلِ حِينَمَا{قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ(؟ مِنْ اَجْلِ زِيَادَةِ الْاِيضَاحِ؟ وَمِنْ اَجْلِ الْبَيَانِ لِلْمَعْنَى؟ وَمِنْ اَجْلِ التَّاْكِيدِ عَلَى الْمَعْنَى اَيْضاً فِي اَذْهَانِ النَّاسِ وَتَوْثِيقِهِ وَالْمُصَادَقَةِ عَلَيْهِ: وَهُوَ اَنَّ اللهَ لَايَحْكُمُ اِلَّا بِالْحَقِّ: وَهُوَ اَيْضاً اَنَّ الرَّسُولَ لَايَاْمُرُ اِلَّا بِمَعْرُوفٍ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْجَوَابُ الثَّالِثُ عَلَى هَذِهِ الْآَيَةِ الْمُشْكِلَةِ فَهُوَ اَنَّ اللهَ تَعَالَى يَعْفُو وَيُسَامِحُ التَّائِبَ النَّصُوحَ وَيَتَنَازَلُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ سُبْحَانَهُ بَعْضِهَا اَوْ كُلِّهَا بِدَلِيلِ{يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ( وَاَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَلَايُسَامِحُ وَلَايَتَنَازَلُ عَنْهَا اِلَّا اِذَا قَامَ الظَّالِمُ بِرَدِّ الْحُقُوقِ اِلَى الْمَظْلُومِ اَوْ يَعْرِضُ اللهُ تَعَالَى عَلَى الْمَظْلُومِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَرْضاً مُغْرِياً بِتَعْوِيضِهِ عَنِ الظُّلْمِ الَّذِي لَحِقَ بِهِ فِي الدُّنْيَا بِشَرْطِ اَنْ يُسَامِحَ مَنْ ظَلَمَهُ وَتَعَدَّى عَلَيْهِ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ(بِمَعْنَى اَنَّ هَؤُلَاءِ الرُّسُلَ يُرِيدُونَ مِنَ اللهِ اَنْ يُحَاسِبَ اَقْوَامَهُمْ عَلَى الشَّارِدَةِ وَالْوَارِدَةِ بَعْدَ الَّذِي كَانَ مِنْ كُفْرِهِمْ وَعَنَادِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ وَاَذِيَّتِهِمْ وَقَتْلِهِمْ لِلْاَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَلِذَلِكَ يُرِيدُونَ مِنَ اللهِ تَعَالَى اَلَّا يَتَنَازَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ وَلَاحُقُوقِ عِبَادِهِ الْمَظْلُومِينَ وَاَنْ يَسْتَعْمِلَ سُبْحَانَهُ الْعَدْلَ فَقَطْ فِي مُحَاسَبَتِهِمْ دُونَ رَحْمَتِهِ وَاِحْسَانِهِ وَفَضْلِهِ جَزَاءً وِفَاقاً لِمَا فَعَلُوهُ بِحَقِّ اللهِ مِنْ اِشْرَاكٍ مَثَلاً وَبِحَقِّ رُسُلِهِ مِنْ تَكْذِيبٍ مَثَلاً وَبِحَقِّ عِبَادِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ ظُلْمٍ مَثَلاً قَائِلِين{رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ{رَبِّ لَاتَذَرْ عَلَى الْاَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً( نَعَمْ اَخِي: وَنَبْقَى وَمَا نَزَالُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ( أَيْ لَايَشْقُقْنَ جَيْباً، وَلَايَخْدُشْنَ وَجْهاً، وَلَايَنْشُرْنَ شَعْراً، وَلَايَدْعُونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، وَكُلُّ هَذِهِ مِنَ الْعَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْاُولَى، فَجَاءَ الْاِسْلَامُ وَنَهَا عَنْهَا، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتِ الْمَرْاَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اِذَا مَاتَ زَوْجُهَا، شَقَّتْ جَيْبَهَا! نَعَمْ اَخِي: وَالْجَيْبُ هُوَ فَتْحَةُ الصَّدْرِ، وَسُمِّيَ جَيْباً؟ لِاَنَّ الْجُيُوبَ كَانَتْ تُخَاطُ وَتُوضَعُ عِنْدَ فَتْحَةِ الصَّدْرِ النِّسَائِيَّةِ وَيَظْهَرُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ صَدْرِ الْمَرْاَةِ الْمُغْرِي لِلرِّجَالِ؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ( وَالْخِمَارُ هُوَ غِطَاءُ الرَّاْسِ: وَهُوَ الْحِجَابُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يَتَدَلَّى مِنْهُ طَرَفَانِ تَسْتَطِيعُ الْمَرْاَةُ بِهِمَا اَنْ تَسْتُرَ مَايَظْهَرُ مِنْ اِغْوَاءٍ شَيْطَانِيٍّ فَاحِشٍ مِنْ بَعْضِ ثَدْيَيْهَا وَاَنْ تَحْمِيَ نَفْسَهَا وَاَنْ تَحْمِيَ مَنْ يَنْظُرُ اِلَيْهَا اَيْضاً مِنْ لَعْنَةِ اللهِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[كَاشِفُ الْعَوْرَةِ مَلْعُونٌ، وَالنَّاظِرُ اِلَيْهَا مَلْعُون(وَاللَّعْنَةُ هِيَ الطَّرْدُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ اِلَى اَجَلٍ مُسَمّىً وَهُوَ النَّصُوحُ مِنَ التَّوْبَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَلَايَجُوزُ لِلنِّسَاءِ اَيْضاً اَنْ يَخْدُشْنَ وَجْهاً نَائِحَاتٍ بِاَظَافِرِهِنَّ مُخَرْمِشَاتٍ لِوُجُوهِهِنَّ، وَلَايَجُوزُ لَهُنَّ اَيْضاً اَنْ يَنْشُرْنَ شَعْراً نَائِحَاتٍ نَاتِفَاتٍ لِشُعُورِهِنَّ وَلَا كَاشِفَاتٍ لِشَعْرِهِنَّ اَمَامَ الرِّجَالِ الْاَغْرَابِ، وَلَانَائِحَاتٍ لَاطِمَاتٍ لِوُجُوهِهِنَّ وَصُدُورِهِنَّ، وَلَايَجُوزُ ذَلِكَ لِلرِّجَالِ اَيْضاً كَمَا يَفْعَلُ الشِّيعَةُ قَبَّحَهُمُ اللهُ زَاعِمِينَ اَنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ وَالْجَانِّ اَجْمَعِين، نَعَمْ اَخِي: وَلَايَجُوزُ لَهُنَّ كَذَلِكَ اَنْ يَدْعُونَ بِالثُّبُورِ وَالْوَيْلِ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتِ الْمَرْاَةُ الْجَاهِلِيَّةُ تَقُولُ اِذَا مَاتَ زَوْجُهَا: وَاجَمَلَاهُ! وَاعَامُودَاهُ! فَاَيْنَ اعْتِمَادُكِ عَلَى اللهِ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِكِ اَيَّتُهَا الْخَبِيثَةُ الْحَقِيرَةُ اللَّئِيمَةُ النَّذْلَةُ السَّاقِطَةُ فِي هَاوِيَةِ الْجَحِيم! هَلْ تَنْسَيْنَ اللهَ الَّذِي خَلَقَكِ وَخَلَقَ زَوْجَكِ وَاَحْيَاكُمَا وَاَمَاتَكُمَا! هَلْ تَنْسَيْنَهُ بِهَذِهِ السُّهُولَةِ وَالْبَسَاطَةِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى! نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الْوَاوُ الْمُحَرَّمَةُ شَرْعاً فِي قَوْلِهَا: وَاجَمَلَاهُ وَاعَمُودَاهُ: تُسَمَّى فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَاوَ النُّدْبَةِ: بِمَعْنَى اَنَّهَا تَنْدُبُ نَفْسَهَا نَدْباً مُحَرَّماً يُوجِبُ سَخَطَ اللهِ وَغَضَبَهُ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ يَفْعَلُ مِثْلَ فِعْلِهَا فِي اَيَّامِنَا، نَعَمْ اَخِي: فَحِينَمَا تَقُولُ هَذِهِ الْمَرْاَةُ الْجَاهِلِيَّةُ الْقَبِيحَةُ: وَاجَمَلَاهُ: فَاِنَّهَا تُشَبِّهُ زَوْجَهَا الْمَيِّتَ حِينَمَا كَانَ حَيّاً: بِالْجَمَلِ الَّذِي يَحْمِلُ الْاَثْقَالَ عَنْهَا: بِمَعْنَى اَنَّهَا تُخَاطِبُ زَوْجَهَا الْمَيِّتَ خِطَاباً مُحَرَّماً وَتَقُولُ لَهُ: يَامَنْ كُنْتَ تَحْمِلُ عَنِّي اَثْقَالِي! وَاعَامُودَاهُ: بِمَعْنَى يَامَنْ كُنْتُ اَسْتَنِدُ اِلَيْكَ وَاَعْتَمِدُ عَلَيْكَ! اَوْ كَمَا يَقُولُونَ الْآَنَ فِي اَيَّامِنَا: يَاخَرَابْ بَيْتِي! اَوْ كَذَا مِنْ هَذَا الْكَلَام! نَعَمْ اَخِي: وَالْحَمْدُ لِلهِ: هَذِهِ الْاُمُورُ مِنَ النِّيَاحَةِ الْمُحَرَّمَةِ الَّتِي فِيهَا مَالَايَعْلَمُهُ اِلَّا اللهُ مِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، نَرَاهَا قَدْ خَفَّتْ فِي اَيَّامِنَا عِنْدَ اَهْلِ السُّنَّةِ، نَعَمْ اَخِي: وَحِينَمَا كُنَّا صِغَاراً فِي السِّنِّ، كَانَتْ تَحْصَلُ اَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ، فَكَانَتِ الْاُمُّ حِينَمَا تُرِيدُ اَنْ تَدْعُوَ عَلَى وَلَدِهَا فَاِنَّهَا تَقُولُ: اَللَّهُمَّ اجْعَلْنِي اَرْقُصُ تَحْتَ نَعْشِهِ! فَكَانُوا فِعْلاً اِذَا مَاتَ وَلَدُهُمْ يَاْتُونَ وَيَرْقُصُونَ تَحْتَ نَعْشِهِ مُقَلِّدِينَ الصُّلْبَانَ الْخَوَنَةَ الْخَنَازِيرَ فِي ذَلِكَ! وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ فِي حَدِيثٍ صَحِيح، نَعَمْ اَخِي: فَكُلُّ هَذِهِ الْاُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ الْبَغِيضَةِ الْمَقِيتَةِ اِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى الْآَنَ، خَفَّتْ كَثِيراً، وَنَاْمَلُ اَنَّهَا زَالَتْ اِلَى الْاَبَد، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْاُولَى: اَنَّهُمْ يَدْهَنُونَ بُيُوتَهُمْ بِالْهُبَابِ! نَعَمْ اَخِي: وَالْهُبَابُ هُوَ الشِّحْوَارُ الَّذِي يُشْبِهُ الْفَحْمَ الْمَوْجُودَ فِي اَيَّامِنَا الَّذِي يُوضَعُ عَلَى الْمُعَسَّلِ الْمُحَرَّمِ مِنْ اَجْلِ التَّدْخِينِ الْمُحَرَّمِ، وَيَخْرُجُ هَذَا الْهُبَابُ اَيْضاً مِنْ شِحْوَارِ التِّمْزِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يَجْلِبُ لَنَا الدِّفْىءَ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ حِينَمَا نَقُومُ بِتَعْبِئَتِهِ فِي اَكْيَاسٍ وَوَزْنِهِ مِنْ اَجْلِ بَيْعِهِ، فَيَمْلَىءُ اُنُوفَنَا وَيُصِيبُنَا بِالزُّكَامِ اِذَا تَجَاهَلْنَا وَضْعَ الْكَمَّامَاتِ عَلَى وُجُوهِنَا، وَيَخْرُجُ اَيْضاً مِنْ اَثَرِ الْاَوْرَاقِ الْمَحْرُوقَةِ الَّتِي نَكْتُبُ عَلَيْهَا اَوْ نُشْعِلُ الْحَمَّامَاتِ بِهَا مِنْ اَجْلِ تَسْخِينِ الْمِيَاهِ، وَيَخْرُجُ اَيْضاً مِنَ الْبَوَارِي الْمَوْصُولَةِ مَعَ الْمَدَافِىءِ الَّتِي تَعْمَلُ عَلَى الْمُازُوتِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانُوا يَتَعَصَّبُونَ بِعِصَابَاتٍ سَوْدَاءَ كَمَا يَفْعَلُ الشِّيعَةُ تَمَاماً فِي اَيَّامِنَا آَخِذِينَ تَعَالِيمَ دِينِهِمْ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ الْعَرَبِيًّةِ الْاُولَى لَا مِنَ الْاِسْلَام،، نَعَمْ اَخِي: وَمَازَالَ اَهْلُ اَرْوَادَ اِلَى الْآَنَ فِي اَيَّامِنَا يَتَدَاوَلُونَ كَلِمَةً جَاهِلِيَّةً شَيْطَانِيَّةً خَبِيثَةً فِيمَا بَيْنَهُمْ مَااَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان! فَاِنَّهُمْ حِينَمَا تَنْزِلُ بِهِمْ مُصِيبَةٌ اَوْ يَنْزَعِجُونَ مِنْ شَيْءٍ مَا يَقُولُونَ فَوْراً: يَاعِصَّابِي! نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ يَاعِصَّابِي: كَلِمَةٌ مَقِيتَةٌ بَغِيضَةٌ كَرِيهَةٌ اَخَذَهَا اَهْلُ اَرْوَادَ وَتَعَلَّمُوهَا مِنْ اَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْاُولَى مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ وَمِنْ اَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْكُبْرَى مِنَ الشِّيعَةِ الَّذِينَ يَرْبِطُونَ عِصَابَاتٍ سَوْدَاءَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ،


رد مع اقتباس
 


مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المؤمنات, النبى, جاءك, ياايها, يبايعنك

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الساعة الآن 07:45 PM.

Powered by vBulletin® Version v3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef
ما يطرح بالمنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وإنما تعبر عن وجهة نظر كاتبها أو قائلها