الزكاة ودورها في نهضة الأمة
الحمد لله رب العالمين الذي أنزل الشرع القويم لتحقيق مصالح الناس، وجعله مصلحاً للإنسان والزمان والمكان، فتكون الحياة سعادة الدنيا في مجتمع فاضل ومتكافـل ومتعاون، وفوزاً في الآخرة، والمقام في جنات النعيم.
والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين، والمبيِّن عن ربه أحكام الدِّين، ليكون قدوة وأسوة للناس أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سلك نهجه إلى يوم الدّين.
لحكمة ربانية، وفائدة اقتصادية، وتنافس اجتماعي، جعل الله عزَّ وجلَّ الناس متفاوتين في الأرزاق والقدرات، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ}.
وهذا واقع حياتي لا يُنْكَر، حاول الإنسان منذ نشأته إيجاد حلول له، من خلال الأفكار العقلانية، والوصايا الحكمانية، والدعوات الفلسفية، غير أن التشريع السماوي، والدين الإلهي، هو الذي أرسى القواعد، ووضع الأسس السليمة؛ للتقارب والتعايش، والتحابب والتعاون، وتُوِّجَ ذلك في شريعة الإسلام الخالدة الخاتِمة التي أُرسل بها رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
الزكاة مصطلح قرآني انفردت بمعرفته أمة الإسلام مشبع بالمعاني الإنسانية والخيرية
والزكاة فريضة اجتماعية ومالية وركن هام في بناء الاقتصاد الإسلامي وتحقيق العدل الاجتماعي، غرضها سعادة الفرد والمجتمع، وتحقيق التكافل والترابط بين أفراده، ونشر دعوة الإسلام في الأرض.
شهدت الزكاة في السنوات الأخيرة نهضة عظيمة، وصحوة رائدة، وتطوراً واسعاً وتقدماً إلى الأمام، وتوعية كافية، وتوسعاً في الأحكام الفقهية والدراسة النظرية، ورافق ذلك توسع في الكم والكيف في التطبيق العملي للزكاة على صعيد الأغنياء عدداً ونوعاً، أو عمقاً وأفقياً، وازداد عدد المزكين في العالم الإسلامي، وتضاعفت أموال الزكاة آلاف الأضعاف، وذلك نتيجة الصحوة الإسلامية، والتوعية الدائمـة، وما فتح الله تعالى على المسـلمين من الثروات الضخمة والخيرات العميمة.
وقد بيّن القرآن الكريم مصارف الزكاة وأنها ثمانية أصناف، ولقد تكفلت أربعة مصارف بتحقيق غايات الزكاة الاجتماعية، وأربعة أخرى بتحقيق الغايات الدعوية.
أما الاجتماعية فهي مصارف الفقراء، والمساكين، والعاملين، عليها والغارمين.
وأما الدعوية فهي مصارف المؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل.
والزكاة سند للفقراء والمعوزين في كثير من بلاد العالم الإسلامي، وهي العمود الفقري للدعوة الإسلامية في سائر بلاد العالم الإسلامية وغير الإسلامية.
لذا، فإن إحياء هذه الفريضة وتطوير أساليب تطبيقها، وحلّ إشكالاتها الفنية والميدانية وفق أحكام الشريعة قضية هامة جداً في بناء صرح المجتمع الإسلامي المنشود، والمجتمع الواحد، مجتمع التراحم والتكافل والقوة والعزة والدعوة.
يتبع