سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الشيخ خالد الجندي، إن «الإسلام بُني على خمس، بس لازم يتكمل معاها الصفات الأخرى من الأخلاق والعلم، مش بُني على خمس بس».وأضاف: «لابد أن تجتمع الصفات الجيدة لتقوم عليها الأمم.. والنبي ما قالش الأركان دول بس.. فيه حاجات تانية زي بر الوالدين والإخلاص واحترام الجار والرحمة والأمانة»، مستشهدًا بحديث رسول الله: "الإيمان بِضع وسبعون أو بضع وستون شعبة".
فبرجاء الرد والتوضيح. جزاكم الله خيراً
< جواب الفتوى >
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً:
هذا الرجل رويبضة العصر خرج بأقواله علينا بدين جديد غير الدين الذي جاء به النبي الأمين صلى الله عليه وسلم. فلا يعول على كلامه ولا يسمع له بما يقول من ضلالات وتحريف في دين الله عز وجل. أما ما قاله بأن أركان الإسلام ليس بخمس قول محدث مبتدع يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة، ويكذب الوحي ويرد قول الله عز وجل وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً:
أركان الإسلام جاءت صريحة في القرآن الكريم في آيات كثيرة منها : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) ( كتب عليكم الصيام) ( ولله على الناس حج البيت) ، وكذلك صريحة في الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ...) رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم، وحديث جبريل عندما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال يا محمد : أخبرني على الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ا: لإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ....) أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.
ثالثاً:
هذا الضال الجاهل يخلط بين أركان الإسلام وأركان الإيمان فأركان الإيمان ستة: (الإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره) والفرق بينهما أن أركان الإسلام أعمال ظاهرة تقوم بها الجوارح، من صلاة وزكاة وصيام وحج.
وأركان الإيمان أعمال باطنة محلها القلب، من إيمان بالله وملائكته... الخ.
وقد يكون الشخص مسلما وليس مؤمنا كما قال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ (الحجرات: 14.
فالأعراب قالوا آمنا ووصفوا أنفسهم بالإيمان فرد الله تعالى عليهم مؤدبا ومعلما.. وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: "إن الإيمان هو التصديق مع طمأنينة القلب والوثوق الكامل بالله تعالى، واتفاق القلب واللسان والجوارح وهذه المرتبة لم تصلوا إليها بعد، ولكن قولوا أسلمنا وانقدنا إليك طائعين مستسلمين، وعلى هذا، فالإيمان غير الإسلام". وتحديد الفرق بين المؤمن والمسلم ينبني على تحديد الفرق بين الإسلام والإيمان، والقاعدة عند العلماء: " أنهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا ".
فإذا ورد الإسلام والإيمان في نص واحد، كان معنى الإسلام: الأعمال الظاهرة. ومعنى الإيمان: الاعتقادات الباطنة. أما إذا ذكر الإسلام وحده دخل في معناه الإيمان، كقوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ) آل عمران:19.
وإذا ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام، كقوله تعالى:( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)المائدة:5.
وعلى هذا التفصيل، فإن كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمناً، لذلك يحكم للمنافق في أحكام الدنيا بالإسلام، وقلبه خاوٍ من الإيمان، وإن مات على نفاقه فهو في الآخرة من الخاسرين.
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه مرفوعا بلفظ :" إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ " ، وصححه الألباني رحمه الله في " صحيح سنن أبي داود.
والأئمة المضلون هم الحكام الجورة والعلماء الفجرة كما قال العلماء، وقال شيخ الإسلام: (قال سفيان بن عيينة: كانوا يقولون من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى. وكان غير واحد من السلف يقول: احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون)
وقال الإمام ابن القيم: (علماء السوء جلسوا على أبواب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم، ويدعونهم إلى النار بأفعالهم، فكلما قالت أقوالهم للناس: هلمّوا، قالت أفعالهم: لا تسمعوا منهم، فلو كان ما دعوا إليه حقا كانوا أول المستجيبين له، فهم في الصورة أدلّاء وفي الحقيقة قطّاع طرق). وقال مالك بن دينار: (إنكم في زمان أشهب، لا يبصر زمانكم إلا البصير، إنكم في زمان قد انتفخت ألسنتهم في أفواههم وطلبوا الدنيا بعمل الآخرة، فاحذروهم على أنفسكم لا يوقعونكم في شبكاتهم، يا عالم أنت عالم تأكل بعلمك، يا عالم أنت عالم تفتخر بعلمك، يا عالم أنت عالم تكاثر بعلمك، يا عالم أنت عالم تستطيل بعلمك، لو كان هذا العلم طلبته لله لرئي فيك وفي علمك).