الْتِّبْيَانُ فِيْ آَدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآَنِ
(1)
الباب الأول
فِيْ أَطْرَافٍ مِنْ فَضِيْلَةِ تِلَاوَةِ الْقُرْآَنِ وَحَمَلَتُهُ
قال الله عز وجل : {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ( 30 )} فاطر
وروينا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله :
{خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآَنَ وَعَلَّمَهُ}
رواه أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري في صحيحه الذي هو أصح الكتب بعد القرآن ؛
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله :
{مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ}
رواه البخاري وأبو الحسين مسلم بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحهما ؛
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله :
{مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ؛ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ, وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ؛ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ, وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ؛ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ, وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ}
رواه البخاري ومسلم ؛
وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن النبي قال إن الله تعالى :
{إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ} رواه مسلم ؛
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول يقول :
{اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ} رواه مسلم ؛
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال :
{ لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ : رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَنَاءَ النَّهَارِ ، وَرَجُلٍ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ}
رواه البخاري ومسلم ؛
وروينا أيضا من رواية عبدالله بن مسعود رضي الله عنه بلفظ :
{لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا}
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله :
{مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ؛ لَا أَقُولُ : ألم حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ}
رواه أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي وقال حديث حسن صحيح ؛
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي قال :
{يَقُوْلُ الْلَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىْ مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ وَذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ وَفَضْلُ كَلامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ } رواه الترمذي وقال حديث حسن ؛
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله :
{إِنْ الَّذِيْ لَيْسَ فِيْ جَوْفِهِ شَئٌ مِنَ الْقُرْآَنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ} رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ؛
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي قال :
{ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِى الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا}
رواه أبو داود والترمذي والنسائي ؛ وقال الترمذي حديث حسن صحيح ؛
وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله قال :
{مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا}
رواه أبو داود وروى الدارمي بإسناده ؛
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي قال:
{اقْرَؤُوْا الْقُرْآنَ فَإِنَّ الَّلَهَ تَعَالَىْ لَا يُعَذِّبُ قَلْبِاً وَعْيَ الْقُرْآَنَ وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ مَأْدُبَةُ الْلَّهِ فَمَنْ دَخَلَ فِيْهِ فَهُوَ آَمِنٌ وَمَنْ أَحَبَّ الْقُرْآَنَ فَلْيُبْشِرْ}
وعن الحميدي الجمالي قال : سألت سفيان الثوري عن الرجل يغزو أحب إليك أو يقرأ القرآن .
فقال : يقرأ القرآن لأن النبي قال : {خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآَنَ وَعَلَّمَهُ} .
الباب الثاني
فِيْ تَرْجِيْحِ الْقِرَاءَةِ وَالْقَارِئِ عَلَىَ غَيْرِهِمَا
ثبت عن ابن مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه عن النبي قال :
{لِيَؤُمَّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ} رواه مسلم
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (كَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُوْلا وَشَبَابا) رواه البخاري في صحيحه ؛
وسيأتي في الباب بعد هذا أحاديث تدخل في هذا الباب واعلم أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار وقد تظاهرت الأدلة على ذلك ؛ والله أعلم .
الباب الثالث
فِيْ إِكْرَامِ أَهْلِ الْقُرْآَنِ وَالْنَّهُيِ عَنْ أَذَاهُمْ
قال الله عز وجل : {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} الحج 32 ؛
وقال الله تعالى : {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} الحج 30 ؛
وقال تعالى : {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الشعراء 215
وقال تعالى : {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} الأحزاب 58
وفي الباب حديث أبي مسعود الأنصاري وحديث ابن عباس المتقدمان في الباب الثاني وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله :
{إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ} رواه أبو داود وهو حديث حسن ؛
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (أَمَرَنَا رَسُوْلُ الْلَّهِ أَنْ نُنَزِّلَ الْنَّاسَ مَنَازِلَهُمْ) رواه أبو داود في سننه والبزار في مسنده قال الحاكم أبو عبدالله في علوم الحديث هو حديث صحيح ؛
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه (أن النبي كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ثم يقول أيهما أكثر أخذا للقرآن فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد) رواه البخاري ؛
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال :
{إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ} رواه البخاري ؛
وثبت في الصحيحين عنه أنه قال :
{مِنَ صَلَّىَ الْصُّبْحَ فَهُوَ فِيْ ذِمَّةِ الْلَّهِ تَعَالَىْ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ الْلَّهُ بِشَئٍ مِنْ ذِمَّتِهِ}
وعن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما قالا : (إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي قال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله)
اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يغشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم