سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم زواج المحلل ولماذا وصف النبي المحلل بـ التيس المستعار ؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
من الأنكحة التي حرمها الله تبارك وتعالى وقد وقع فيها بعض الناس: نكاح التحليل، وهو نكاح يفعله من حرمت عليه زوجته بالطلاق بالطلقة الأخيرة الثالثة، بعض الناس لضعف إيمانه وقلة خوفه من الله تعالى يتفق مع شخص آخر ليتزوجها، فإذا دخل بها ووطئها فارقها حتى يعود إليها زوجها الأول، وهذا هو النكاح الذي يسمى نكاح التحليل.
فالمحلل هو التيس المستعار هو الزوج الذي يطلب لتحليلها، والمحلل له هو الزوج الأول المطلق، فهذا نكاح باطل وحرام إذا اتفقا عليه بالتواطؤ وبالشرط اللفظي أو بالكتابة، كل ذلك محرم للأحاديث التي جاءت في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن المحلل والمحلل له،
والمحلل له سمي تيسًا مستعارًا؛ لأنه جيء به للضراب ليس زوجًا، وإنما جيء به ليدخل بها مرة يجامعها مرة ثم يفارقها؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) البقرة:230.
فهذا المطلق الطلقة الثالثة لما رأى أنه لا حيلة له إلا بزوج وهو يريدها وتريده زين لهما الشيطان هذا العمل السيء.
وهو زنا في المعنى؛ لأنه ما تزوجها لتكون زوجة لتعفه لتبقى لديه لتحصنه ليرجو منها وجود الذرية ، إنما جاء تيسًا مستعارًا ليحلها لمن قبله بوطء مرة واحدة، ثم يفارقها وينتهي منها، هذا هو المحلل، ونكاحه باطل، وليس بشرعي، ولا يحلها للزوج الأول، إذا علم هذا فإنه يستحق أن يؤدب ويعزر التعزير البليغ الذي يردعه وأمثاله، وهذه الزوجة لا تحل بذلك، بل يعزر أيضًا المحلل، وهي كذلك إذا كانت راضية، كلهم يعزرون لهذا العمل السيء؛ لأنه نكاح فاسد و خبيث و منكر ومعصية، فوجب أن يعزر القائمون به، المحلل والمحللة والمحلل أيضا كلهم.
وفي الصحيحين من حديث عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته أن امرأة رفاعة القرظي جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن رفاعة طلقني فبت طلاقي ، وإني نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي ، وإنما معه مثل الهدبة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة ، لا ، حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته) رواه البخاري و مسلم.
ومعنى "بت طلاقي" : أي : طلقني طلاقا حصل معه قطع عصمتي منه ، وهي الطلقة الثالثة .
وقوله عليه الصلاة والسلام " حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " : كناية عن الجماع .
قال النووي رحمه الله : " وفي هذا الحديث أن المطلقة ثلاثا لا تحل لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره , ويطأها ثم يفارقها , وتنقضي عدتها . فأما مجرد عقده عليها فلا يبيحها للأول ، وبه قال جميع العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم " شرح مسلم.
وقال ابن قدامة رحمه الله : " ونكاح المحلل فاسد يثبت فيه سائر أحكام العقود الفاسدة , ولا يحصل به الإحصان ولا الإباحة للزوج الأول كما لا يثبت في سائر العقود الفاسدة " المغني.