سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو حكم من يظهر المعاصي ويفتخر بها ويشيع الفاحشة بين الناس ، ويظن أنه من صفوة الناس بسبب شهرته والفاحشة التى عليها؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً:
أن المجاهرة بالمعصية وإشاعة الفاحشة في المجتمع المسلم من أقبح الذنوب عند الله سبحانه وتعالى وفيه وعيد وعقوبة شديدة. وشدد الإسلام الحنيف على حرمة المجاهرة بالمعصية لأن المجاهر يدعو غيره ويجذبه ويزين له المعاصي ويغريه.
قال تعالى: ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق) البروج : 10
ثانياً:
المجاهرة بالمعصية ونشرها بين الناس والتباهي والاستخاف بها تعد من كبائر الذنوب ، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) النور" 19.
كما أنها تعدي على حدود الله تعالى واستهانه بها،
وعذاب وعقاب المجاهرين بالمعاصي في الآخرة أشد من عذاب وعقاب العصاة كلهم، لأنهم مع تساويهم مع العصاة إلا أنهم زادوا عليهم استخفافهم بحدود الله وبعقابه وبعذابه، فهم كما قال سبحانه وتعالى : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) الزمر: 67، ولو أنهم عظموا الله وعرفوا قدره، لما استهانوا واستخفوا بتلك المعصية التي يبارزونه بها.
وكلما وسع نشر الفاحشة بين الناس كان الذنب أعظم وأكثر ، وخاصة ما يحدث الأن من نشر صور النساء العارية ، والأفلام والمسلسلات ، والموبقات بشتئ أنواعهاعلى مواقع ( الخراب الاجتماعي) وفي الحفلات والمناسبات والأعراس ، كل هذا يفتح باب التشجيع على المعاصي ، وكل من يرى ويسمع ويقلد هذا فالناشر والفاعل عليه ذنب من اتباعه وأضله قال تعالى: (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) العنكبوت: 13.
ثالثاً:
أن المجاهرة بالفاحشة في المجتمع فيه كشف ما أمر الله تعالى به ستره عن الناس ، عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ، وإنَّ مِنَ المُجاهَرَةِ أنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وقدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فَيَقُولَ: يا فُلانُ، عَمِلْتُ البارِحَةَ كَذا وكَذا، وقدْ باتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، ويُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عنْه" رواه البخاري.
حذَّرَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ عن الجَهرِ بالسُّوءِ، فقال: «كلُّ أُمَّتي مُعافًى»، أي: كلُّ واحدٍ مِن هذه الأمَّةِ إذا ارتكَبَ مَعصيةً، يُرجى له عفْوُ اللهِ ومَغفرتُه، والنَّجاةُ مِن النَّارِ، «إلَّا المجاهِرين» بالمَعاصي، فلا يُعافَوْنَ، والمجاهِرُ: الفاسقُ المُعلِن بفسْقِه، الَّذي يَأتي بالفاحشةِ ثمَّ يُشيعُها بيْن النَّاسِ تَفاخُرًا وتَهوُّرًا ووَقاحةً.
رابعاً:
على المجتمع وأولياء الأمور وأهل الحل والعقد ، أن يغضبوا لغضب الله تعالى ،
وعن ابن عمر قال: " أقبل علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال يا معشرَ المهاجرين خمسُ خِصالٍ إذا ابتليتم بهنَّ وأعوذُ باللهِ أن تدركوهنَّ لم تظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعلِنوا بها إلَّا فشا فيهم الطَّاعون والأوجاعُ الَّتي لم تكُنْ مضت في أسلافِهم الَّذين مضَوْا ولم ينقُصوا المكيالَ والميزانَ إلَّا أُخِذوا بالسِّنين وشدَّةِ المؤنةِ وجوْرِ السُّلطانِ عليهم ولم يمنَعوا زكاةَ أموالِهم إلَّا مُنِعوا القطْرَ من السَّماءِ ولولا البهائمُ لم يُمطَروا ولم يَنقُضوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلَّا سلَّط اللهُ عليهم عدوًّا من غيرِهم فأخذوا بعضَ ما في أيديهم وما لم تحكُمْ أئمَّتُهم بكتابِ اللهِ تعالَى ويتخيَّروا فيما أنزل اللهُ إلَّا جعل اللهُ بأسَهم بينهم " رواه ابن ماجه والطبرني والحاكم.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم .