عرض مشاركة واحدة
  مشاركة رقم : 2  
قديم 10-31-2014
نعمة حكيم
قسم الاسرة والحياة الزوجية

رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Jul 2014
المشاركات : 1,113
بمعدل : 0.31 يوميا
معدل تقييم المستوى : 11
المستوى : نعمة حكيم نشيط

نعمة حكيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور نعمة حكيم



كاتب الموضوع : نعمة حكيم المنتدى : الفقه الإسلامــي وأصوله
افتراضي رد: الزكاة ودورها في نهضة الأمة

المشكلة:
830 مليون جائع في العالم
تمثل مشكلة الفقر واحدة من أهم وأخطر المشكلات التي تواجه البشر، فحسب تعريف الأمم المتحدة للفقر يعيش حوالي نصف سكان العالم أي حوالي ثلاثة مليارات نسمة تحت خط الفقر وهم الذين يحصلون على أقل من دولارين يوميا كما أن ما يزيد على مليار شخص من بين هؤلاء يقل دخله اليومي عن دولار واحد. وتشير إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” إلى أن 830 مليون شخص، أي ما يوازي 14% من جملة سكان العالم، انحدرت أحوالهم في السنوات الأخيرة من الفقر إلى الجوع والمرض بسبب غول العولمة وقلة المساعدات الدولية.
فأين دور المسلمين في هذا؟، وما موقع الأدوات الإسلامية في التخفيف من حدة الفقر في العالم؟.
على الأمة كلها ـ أفراداً كانت أم حكومات ـ مسؤولية كبيرة للخروج من أزمة الفقر.
لقد حرصت تعاليم الإسلام على أن تُكفل لكل واحد من أبنائه الحياة الحرة الشريفة، فلا يضيع فقير لفقره، ولا تهدر كرامة مسكين لبؤسه، ولا يهلك جائع لفاقته وغيره شبعان.
من هنا كانت الزكاة في الإسلام ركيزة من ركائزه، وعماداً من عمده التي بينها رسولنا محمد r في الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عمر فقال: " بني الإسلام على خمس …"([1]).
وحينما فرض الإسلام الزكاة لم يكن بذلك جائراً على الأغنياء أو متحيزاً إلى الفقراء، بل أمر بها لبناء مجتمع سليم، يشعر فيه الغني بأخيه الفقير فيطعمه من ماله، ويكفيه مؤونة الجوع والتشرد، فينال بذلك الثمار في ماله: ] وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ [ [الروم/39]، وينال الغني بذلك المثوبة من الله تعالى: ] وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[ [البقرة/110].
وبين لنا القرآن صورة لقوم منعوا زكاة مالهم فانتقم منهم ربنا فأزال مالهم، وضيّعهم وحرمهم وأجاع أكبادهم قال تعالى: ] إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ(17)وَلَا يَسْتَثْنُونَ(18)فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ(19)فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ(21)أَنْ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ(22)فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ(23)أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ(24)وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ(25)فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ(26)بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [ [القلم/17-27].
روى أنس بن مالك قال: " أتى رجل من تميم رسول الله r فقال: يا رسول الله إني ذو مال كثير، وذو أهل ومال وحاضرة، فأخبرني كيف أصنع؟ وكيف أنفق؟ فقال رسول الله r: " تخرج الزكاة من مالك فإنها طهرة تطهرك، وتصل أقرباءك وتعرف حق المسكين والجار والسائل"([2]).

نجتمع اليوم في هذا البلد الكريم أهله، العزيز شأنه، الخصيب أرضه، العلي مكانه وقدره.
إن من المتفق عليه بين المسلمين أن للزكاة غرضاً عبادياً اجتماعياً اقتصادياً هاماً.
إنها استثمار للأمة بأكملها وهي على الخصوص تنمية لأموال الأغنياء ومدخرات الفقراء، فإن الزكاة حين تؤخذ من الأغنياء وتوضع في يد الفقراء.
فإن استغناء الفقراء وسد حاجاتهم مآله إلى نماء مال الأغنياء فيكون المال دائراً بين بائع ومشتر.
كما أن الزكاة تتقصد الفقراء فتسد جوعتهم حتى يمكنهم أن يتعلموا ويفقهوا، وقد ينبغوا فيكونوا فتحاً على الدولة بأسرها في اختراع أو ابتكار.
فكم من فقير نابغة دفين بين جيوش الفقراء، وكم من عالم متميز دفين الجوع، ولو وجد ما يسد جوعته، ويرفع غائلة الجوع عن كاهله لدرس وابتكر وأبدع، وأنَى له ذلك، وهو منشغل يومه فيما لا يكاد يقيم أوده، وقد يبيت أياماً في مسبغة مضنية، وقد يدفعه ذلك إلى ذل السؤال، ومن ذل لا يؤمل منه عزة أو نبوغ.
إن الزكاة أداة تنمية بكل المقاييس الاقتصادية الحديثة، مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نقص مال من صدقة"([3]).
فيقرر أهل الاختصاص اليوم بأن وعاء الزكاة يرتبط بالنشاط الاقتصادي، وأن معظمه يتكون من الدخل أو الناتج المتولد من استخدام عناصر الإنتاج المتاحة في المجتمع.
ومن ثم فإن حصيلة الزكاة ترتبط ارتباطاً وثيقاً وطردياً بمستوى النشاط الاقتصادي القائم في المجتمع، وبما أن النشاط الاقتصادي غالباً ما يكون في حالة نمو وتزايد مهما ضعفت معدلات نموه، فإن ذلك يعني أن حصيلة الزكاة تنمو وتتزايد مع نمو النشاط الاقتصادي.
وغالباً ما تقتطع الزكاة كجزء من ذلك الناتج السنوي للنشاط الاقتصادي.
لذا فإن من خصائص الزكاة، أنها لا تأكل وعاءها، بل بالعكس تزيد من معدلات نمو النشاط الاقتصادي مما يترتب عليه استمرارية نمو حصيلة الزكاة، ولعل هذا سر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نقص مال من صدقة"([4]).


النموذج الرياضي للزكاة:
لبيان أهمية الزكاة في القضاء على الفقر في المجتمع نورد المثال التالي([5]) الشكل (1):
لنفرض أنَّ مجتمعاً يتألف من 100، وأنَّ منهم 20% أغنياء، (متوسط ثروة الشخص الواحد ـ الخاضعة للزكاة ـ 10000 دولار).
وأن 80% منهم فقراء (متوسط دخل الفرد 1000 دولار).
وبفرض أنَّ معدَّل النموِّ يبلغ 5%.
وأنَّ الحدَّ الأدنى للغنى يبلغ 2500 دولار.
فإذا احتسبنا ما يدفعه الأغنياء من زكاةٍ سنويًّا مع اعتبار نموِّ الثروات 5% سنويًّا.
واحتسبنا ما يستلمه الفقراء من دخولٍ سنويةٍ مضافاً إليها الزكاة، فإنَّ متوسط دخل الفرد من الفقراء يزداد.
ويلاحظ تجاوز الفقراء لحدِّ الفقر في السنة العاشرة على الرغم من أنَّ نسبة الزكاة لا تمثل سوى 2.5% فقط.
ولو بلغ معدَّل النموِّ 10% لتجاوز الفقراءُ حدَّ الفقر في السنة السابعة.
وكذلك لو بلغ متوسط ثروة الأغنياء 50.000 دولار لتجاوز الفقراء حدَّ الفقر في السنة الرابعة.
علماً بأن زيادة الدخول تؤدِّي إلى تشكيل طلبٍ فعالٍ في الاقتصاد.

حجم العينة
100 شخص

فئة الأغنياء
فئة الفقراء
معدل الزكاة
2.5 %
نسبة من العينة
20 %
80 %
معدل نمو الدخل
5 %
الدخل
10.000
1.000
الحدُّ الأدنى للغنى
2.500 دولار



الفترة
متوسط ثروة الأغنياء فئة أ
الزكاة المدفوعة من إجمالي دخول الفئة أ 2.5%
إجمالي دخول الفقراء بعد استلام الزكاة
متوسط دخل الفرد من الفئة ب بعد استلام الزكاة
السنة 1
200.000
5.000
85.000
1063
السنة 2
210.000
5.250
94.500
1181
السنة 3
220.500
5.513
104.738
1309
السنة 4
231.525
5.788
115.763
1447
السنة 5
243.101
60.78
127.628
1595
السنة 6
225.256
6.381
140.391
1755
السنة 7
268.019
6.700
154.111
1926
السنة 8
281.420
7.063
168.852
2111
السنة 9
295.491
7.387
184.682
2309
السنة 10
310.266
7.757
201.673
2521

الخلاصة:
إن الانحسار العالمي للزكاة والصدقات وبقاءها أمراً محلياً بتحجيم حركتها، ساعد في استفحال مشاكل الفقر والبطالة وغيرها، ولابد للعالم التائه الذي يبحث عن حلول هنا وهناك من أن يعي بأن الحل يكمن في عودة الزكاة بشكل عالمي عوضاً عن السعي إلى كبتها، وذلك حتى لا تقع الحضارة الغربية في الخطأ مرة ثانية.


أموال الزكاة ودورها التنموي بين المحلية والعالمية

الأهمية الاقتصادية للزكاة محلياً وعالمياً:
ما زال العالم يبحث بمؤسساته العالمية عن تمويل للتنمية المستدامة فلا يجد لها حلّا سوى فرض ضرائب جديدة اسمها ضريبة التنمية المستدامة، فالبنك الدولي مازال يرفع شعاره (نعمل من أجل عالم خال من الفقر) منذ عام 1947 فماذا حقق بعد ستين عاماً من معالجته لمشكلة الفقر وشعاره باقٍ على حاله؟
لقد عقدت هيئة الأمم المتحدة عام 1992م مؤتمراً في البرازيل سُمِّيَ بمؤتمر الأرض، هدف لدراسة المشكلات والمخاطر البيئية ومعالجتها لإصلاح ما أفسده الإنسان في هذا الكوكب بتصرُّفاته غير الرشيدة من هدرٍ للموارد الطبيعية وتلويث للبيئة، وقد خرج المؤتمر بعدة اتفاقياتٍ، وتلخصت أهدافه بضرورة إيجاد تعاونٍ دوليٍّ (بسبب عجز أية دولة عن تحقيق ذلك بمفردها) للوصول إلى التوازن المنشود في: إشباعُ الحاجات الأساسية وتحسينُ مستوى المعيشة للمجتمعات، وحماية وإدارة الأنظمة البيئية بشكلٍ عقلانيٍّ.
تعتبر التنمية المستدامة من مسؤولية الحكومات لكنها تحتاج إلى مشاركة شعبية فعلية إضافةً إلى مشاركة المنظَّمات غير الحكومية، لذلك يمكننا القول أن العالم قد توصَّلَ بحضارته أخيراً إلى التحرر من الحدود المصطنعة وإشراك الجميع معاً، فاقتنع أصحاب هذه الحضارة بضرورة إشباع الحاجات الأساسية للإنسان وحماية بيئته من خلال التعاون العالمي بعد أن طغت النظرة المادية عليه وأدت إلى نشر الفقر والبطالة وأفسدت البيئة بمختلف مكوناتها.
إن كل هذه الإشكالات جاءت متزامنة مع سيطرة الحضارة الغربية، بينما لم يشهد التاريخ بوقائعه وسجلاته ذلك في ظل ريادة الحضارة الإسلامية التي استمرت لأكثر من عشرة قرون.
فما هي التقنية التي استخدمتها حضارة الإسلام؟ وهل يمكن إعادة استخدامها ثانية؟
تعتبر الصدقات عدلاً اجتماعيًّا بين من يملك ومن لا يملك، فهي بمثابة تحويلٍ مستمرٍّ لضمانٍ اجتماعيٍّ لا يتطلب مشاركةً براتبٍ أو بمنظمةٍ، بل هو حقٌّ لكلِّ محتاجٍ.
والصدقة تعني البذل دون طلب مقابل إلا رضا الله تعالى، ويحتاج دفعها إلى مستحقيها إيماناً بالله، فغير المسلم يصعب عليه فهم التصدُّق ويستحيلُ عليه فعله، حتى إن قوانين بلدان كثيرة ليس فيها ما يسمى بالتبرع، وليس لديهم ما يُسمى مجانيًّا بل يترتب على المستفيد أن يدفع مبلغاً ولو زهيداً مقابل الخدمة التي سيستفيد منها، أما ما تقدمه الدول كمساعدات إلى غيرها فإن فيها فوائد خفية كمواقف سياسية على أقل تقدير.
إن الإسلام ليس دين مناسك تعبدية فحسب، فهو يعتبر التكافل الاجتماعي عبادة وتقرّباً لله، لأنَّ المال له دور اجتماعي ووظيفة إنسانية، فربّ العالمين ربط الإيمان بإنفاق المال على مستحقيه إضافة للزكاة فقال: )لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَءَاتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَءَاتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ( [سورة البقرة: 177].
إن في الصدقة ارتقاء للنفس البشرية، لأنها بمثابة إيثار للغير، والإيثار هو من أصعب الاختبارات على النفس البشرية حيث تتخلى عما اشتهته طواعية وحبّاً في الله بوصفه الرابط الوحيد للمتخلى له، فالصدقة تُدفع للغير دون اشتراط رابط القربى أو المعرفة، ولا يُقصد منها سوى وجه الله تعالى، وقد وصفها رب العزة بأنها حقٌّ فقال عزّ وجلّ: )وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ([سورة الإسراء: 26].
والصدقات في الإسلام نوعان:
صدقات إلزامية، وأخرى اختيارية.
فالصدقات الإلزامية:
كزكاة المال وزكاة الفطر.
أو بسبب مخالفة ارتكبها قصداً، أو عن غير قصد ككفارة الإفطار في رمضان والحنث في اليمين والصيد في الحرم والظهار والجماع في نهار رمضان والفدية ودية القتل الخطأ.
أو بسبب إلزام ذاتي كما لو نذر نذراً إن تحقق أمرٌ يرغبه فسيتبرع لوجه الله بشيء معين.
أما الصدقات الاختيارية: فهي الصدقات التي يدفعها المسلم إيماناً واحتساباً وتقرّباً إلى الله عزّ وجلّ، لقوله تعالى: )وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ( [سورة النور:22]، ومنها النفقة على الأقارب، والتبرعات، والوقف الخيري، والأضحية.
والصدقة ليست مرتبطة بزمان أو مكان إنما هي دائمة مستمرة طالما أن هناك مخطئين يرغبون بالتوبة (وهذا حال المسلم)، لقوله e: "كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ"([6]) إذن فَهناك تحويلات نقدية أو عينية مستمرة لصالح الفقراء.
وتمثل الصدقات المذكورة التمويل اللازم والعملي للفقراء والمساكين على مدار الساعة لما يحتاجونه من ضروريات وأساسيات عيشه بكرامة من حرية وطعام وملبس، وهذا هو مشروع (التنمية المستدامة) لتحسين مستوى المعيشة ومحاربة الفقر والأوبئة.
دورة أموال الزكاة:
يملك الناس (أفراداً وشركات) أموالاً (منقولة وغير منقولة)، ويكسبون أموالاً من خلال ممارستهم أعمالاً تجارية وصناعية وزراعية وخدمية، فتتراكم ثرواتهم عبر الأيام والسنين.
ويتوجب عليهم في كل عام احتساب ثرواتهم واحتساب الربح الناشئ خلال العام وصولاً لتحديد مطرح الزكاة، ثم يحتسبون صافي جيّد ديونهم المدينة فإذا تجاوزت صافي ثرواتهم الحد الأدنى المعفى فإنَّهم يشرعون بتطبيق نسب الزكاة حسب الشرائح، ويحسبون مقدار الزكاة الواجبة، ويخرجونها مباشرة لمصارفها المحددة في القرآن الكريم، أو يدفعونها لمؤسسات الزكاة التي قد تشرف عليها الدولة، حيث يُعاد توزيعها على الأفراد المستحقين.
إن أغلب الصدقات المحولة إلى الفقراء هي صدقات مادية، فالطعام والكساء والمال كلها تُشبع الحاجات الأساسية مما يحقق أهدافاً اقتصادية واجتماعية، مثل:
رفع سلّم الحاجات.
جعل الطلب الكلي أكثر فاعلية.
زيادة التكافل والتعاضد والتماسك بين الناس.
أما عتق الرقبة، فهي بمثابة ضمان أو فتح باب لاستعاد حرية الناس فيما لو فقدها أحد لسبب أو لأخر.
أهمية الصدقات:
تتلخص أهمية الصدقات في ما يلي:
نفسيّاً: تؤدي إلى مزيد من الدعم النفسي (السيكولوجي) للفقير والمسكين ومن في حكمهما من مستحقي الزكاة من خلال الشعور بالتآخي والتكافل.
اقتصاديّاً: تؤدي إلى زيادة الطلب الكلي ورفع سلم الحاجات، وهي مفاهيم معاكسة للربا وبديل عنها، لقوله تعالى )يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ( [سورة البقرة: 276].
اجتماعيّاً: تؤدي إلى زيادة الأمن فلا حاجة للسرقة وللاحتيال وللغش، وتؤدي إلى مزيد من الاستقرار لانتشار التكافل والتضامن والتماسك بين أفراد المجتمع.
دينيّاً: عبادة وتقربٌ إلى الله تعالى فهي تؤدي إلى تكفير الذنوب وتطهير القلوب، لقوله تعالى: )خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( [سورة التوبة: 103]. وقوله أيضاً: )لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ( [سورة النساء: 114].

يتبع

رد مع اقتباس