عرض مشاركة واحدة
  مشاركة رقم : 1  
قديم 10-20-2020
محمد فرج الأصفر
الصورة الرمزية محمد فرج الأصفر


رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Jul 2014
المشاركات : 2,043
بمعدل : 0.57 يوميا
معدل تقييم المستوى : 12
المستوى : محمد فرج الأصفر نشيط

محمد فرج الأصفر غير متواجد حالياً عرض البوم صور محمد فرج الأصفر



المنتدى : الفتاوى الشرعية
Rule ما هو موقف أهل السنة والجماعة من الإمام المتغلب؟

سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماهو موقف أهل السنة من الحاكم الذي ينقلب على حاكم أخر ويسيطرعلى الحكم، لقد قرأت في كتب السياسة الشرعية ولم أجد الكثير؟ فهل يمكن توضيحها لي ؟ وجزاكم الله خيراً


وعليكم السلام ورحمة الله بركاته

أولاً:

قبل التعريف بالحاكم المتغلب، يجب أن نفرق بين الحاكم الذي انقلب وخرج على حاكم شرعي انعقدت له بيعة صحيحة واستقر له الحكم، فهذا المنقلب يسمى "خارجي" خرج على إمام حق، وليس "بمتغلب" وأما الحاكم "المتغلب" الذى تجب طاعته ويحرم الخروج عليه ويجاهد معه ويصلى خلفه هو الحاكم "المتغلب" الذى يقيم ويطبق شرع الله والذي تًغلب عليه لم يكن مقيماً لشرع الله، أو أتى على حاكم يحكم بشرع الله فأزاحه طمعا فى رياسة أو ﻷى سبب كان ثم حل مكانه فحكم بشرع الله، فهذا هو الحاكم "المتغلب" الذى تجب طاعته فالركيزة التى تميزه مدى تحكيمه لشرع الله، ثم إن كان هناك من إثم فإثمه على نفسه والمسلمون منه برءاء، وإن كان "ظالما" يسعى المسلمون فى إصلاحه أو تغييره وذلك تطبيقا لقاعدة (درء المفاسد وتحمل أدنى الضررين).

يقول شيخ الإسلام: عن الحاكم المتغلب." فمتى صار قادرا على سياستهم بطاعته أو بقهره، فهو ذو سلطان مطاع، إذا أمر بطاعة الله". وهذا هو القيد (إذا أمر بطاعة الله) وإذا شرطية أى شرط الطاعة له أن يأمر بطاعة الله.
- أما إن حُكم على "المتغلب" "بالكفر واﻹرتداد عن الدين، أو محاربة مظاهر الدين ومولاة الكافرين"، فلا يتصور أن يتسامح علماء المسلمين فى مثل هذا الشرط ﻷن أول شروط الحاكم الإسلام ﻷن الله تعالى قال" (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) النساء: 144. وعن عوف بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قال: قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم؟ فقال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة" رواه مسلم.

ثانياً:

وحتى نرد زيف من تكلم عن الحاكم المتغلب والتبرير له، في هذا الزمان من علماء السلطة ومفتو الضلال وخطباء النفاق، ننقل ما قاله الفقهاء وعلماء السياسة الشرعية، في هذه المسألة.

تكلم العلماء عن انعقاد الشورى في عهد الصحابة، وطرحوا سؤال وهو: إذا قام الإمام من غير شورى فهل تجب طاعته إذا تمت الموافقة عليه؟ والإجابة عن السؤال: قرر جمهور الفقهاء على أنه إذا تغلب متغلب على أمر المسلمين(ولم يكن لهم إمام)، وكان ممن استوفى (شروط الإمامة) وأقام في الناس (العدالة)، فارتضوه لهذا وبايعوه، فإنه يكون إماماً. وقد صرح الإمام أحمد في إحدى رسائله، فقال: " من ولي الخلافة فاجتمع عليه الناس ورضوا به، فهو خليفة، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة فهو خليفة، والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر والفاجر"، ويقول: " ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين، وقد كان الناس قد اجتمعوا عليه، وأقروا له بالخلافة بأي وجهة كان الرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا الجماعة. وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية" المناقب لاين الجوزي.

وأما أبو حنيفة:" كان يفتي سراً بوجوب نصرة زيد بن علىّ رضوان اللَّه عليهما، وحمل المال إليه، والخروج معه على اللص المتغلب المتسمي بالإمام والخليفة، كالدوانيقى وأشباهه. وقالت له امرأة: أشرت على ابني بالخروج مع إبراهيم ومحمد ابني عبد اللَّه بن الحسن حتى قتل. فقال: ليتني مكان ابنك. وكان يقول في المنصور وأشياعه: لو أرادوا بناء مسجد وأرادوني على عدّ آجره لما فعلت". الكشاف للزمخشري.

والشافعية: كذلك يعتبرون إمارة المتغلب معصية لا يجوز عقدها شرعا؛ يقول الجويني: "ولا يجوز عقد الإمامة لفاسق، وإن كانت ثورته لحاجة ثم زالت وحالت، فاستمسك بعدته محاولا حمل أهل الحل والعقد على بيعته، فهذا أيضا من المطاولة والمصاولة، وحمل أهل الاختيار على العقد له بحكم الاضطرار، وهذا ظلم وغشم يقتضي التفسيق. فإذا تصورت الحالة بهذه الصورة، لم يجز أن يبايع".ثم قال: هذا في استيلاء من هو صالح لمنصب الإمامة" غياث الأمم.
والإمام مالك: لم يرى للمتغلب حق البيعة لأنها تمت كرها. فكان يحدث بحديث " ليس على مستكره يمين" وبأثر ابن عباس: "ليس على مستكره طلاق". ومعنى هذا أن سقوط بيعة الإكراه وولاية التغلب كان أمرا مشهورا عنه.
وكان العلويون الذين خرجوا مع النفس الزكية( محمد بن الحنفية) يقولون بأن بيعة المنصور قد أخذت كرهاً، واتخذوا هذه الأحاديث حجة لإبطال البيعة.

وعن سعيد بن عبد الحميد بن جعفر قال: أخبرني غير واحد أن مالك بن أنس استفتي في الخروج مع محمد بن الحنفية، وقيل له: إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر المنصور، فقال: إنما بايعتم مكرهين، وليس على مكره يمين، ومن بويع لهم على الخوف لا بيعة لهم فأسرع الناس إلى محمد بن الحنفية، ولزم مالك بيته. وكانت المحنة أن ضرب بالسياط، وأن مدت يده حتى انخلعت من كتفها.

ثالثاً:

أما جمهور الفقهاء الذين قالوا بأن خلافة المتغلب تكون خلافة في نظرهم إذا استوفى المتغلب شروط الإمامة كلها وهي :

1ـ الإسلام، وهو عام في كل ولاية، ولا تنعقد الإمامة لكافر أبداً.
2ـ البلوغ، وهو شرط بديهي في كل ولاية.
3ـ العقل، فإذا زال زوالاً مطبقاً فلا يصح ابتداء عقد الإمامة حينها، وإذا طرأ بعد العقد امتنع استدامته، والمطلوب ليس مجرد العقل؛ بل درجة عالية من الذكاء والفطنة.
4ـ الحرية، وهو من الشروط الضرورية.
5ـ أن يكون ذكراً. فلا تجوز الولاية للنساء.
6ـ العلم، ويكفيه أن يحوز مبلغاً من العلم الشرعي وغيره من العلوم؛ التي تفيده في الأوقات الحرجة.
7ـ العدالة، وهي اجتناب الكبائر والصغائر، والتعفف عن بعض المباحات الخارمة للمروءة، وبالتالي فلا إمامة للفاسق.
8ـ الكفاءة النفسية، وتشمل الشجاعة والجرأة، والدهاء في ممارسة السياسة وحسن التدبير.
9ـ الكفاءة الجسمية، وتعني سلامة الأعضاء والحواس، ونقص بعضها مانع للولاية كالنطق والسمع والبصر، أو فقدان اليدين أو الرجلين.
10ـ عدم الحرص عليها.

كما يضاف إلى هذه الشروط شرطان آخران "للحاكم المتغلب" إذا تم عليه الرضا من بعده.

أول هذين الشرطين: ألا يكون هناك "إمام آخر"، لأنه إذا كان هناك إمام عادل مرضي من الناس يكون الثاني المتغلب "باغياً" يجب قتاله بل يجب قتله،

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ" رواه مسلم.

والشرط الثاني: ألا يكون ثمة فرصة للاختيار والانتخاب، بأن يكون ثمة حال توجب سرعة البث، كأن يموت الإمام في حال حرب ولا فرصة للاختيار والانتخاب.

وإذا لم تكن هذه الأحوال التى تسوع الانصراف عن المبادئ الإسلامية بمشورة المسلمين، فإنه يكون آثماً بتغلبه خارجاً على المبادئ الإسلامية العادلة. ولو فتح الباب لكل متغلب من غير مسوغ لهدمت الشورى، ولأدى الأمر إلى تنازع الحكام، وضياع أمر المسلمين، كما حصل في الماضي.

رابعاً:

ومما تقدم من تفصيل عما ورد في كتب الفقهاء وعلماء السياسة الشرعية ، عن (الحاكم المتغلب)، يظهر لنا بأن ما يدور ويقال من علماء الفتنة والسلطة الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل يلبسون على الناس دينهم، ويلون النصوص بالتدليس ليشرعنون الانقلابات والخارجين على أنهم متغلبين.

هذا. والله تعالى أعلى وأعلم.


التعديل الأخير تم بواسطة محمد فرج الأصفر ; 10-20-2020 الساعة 10:26 AM.

رد مع اقتباس